للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقاتلوا فقتل عبّاس وأسر ولده ونجا أسامة إلى الشام. ودخل طلائع القاهرة في ربيع سنة تسع وخمسين، وجاء إلى القصر راجلا. ثم مضى إلى دار عبّاس ومعه الخادم الّذي حضر لقتله فاستخرجه من التراب ودفنه عند آبائه، وخلع الفائز عليه الوزارة ولقّبه الصالح. وكان إماميا كاتبا أديبا فقام بأمر الدولة، وشرع في جمع الأموال والنظر في الولايات. وكان الأوحد بن تميم من قرابة عبّاس واليا على تنيس، وكان لما سمع بفعلة قريبه عبّاس جمع وقصد القاهرة فسبقه طلائع، فلما استقل بالوزارة أعاده إلى عمله بدمياط وتنيس. ثم بعث في فداء نصير بن عبّاس من الفرنج فجيء به وقتله وصلبه بباب زويلة. ثم نظر في المزاحمين من أهل الدولة، ولم يكن أرفع رتبة من تاج الملوك قايماز وابن غالب، فوضع عليهما الجند فطلبوهما فهربا ونهب دورهما، وتتّبع كبراء الأمراء بمثل ذلك حتى خلا الجو، ووضع الرقباء والحجّاب على القصر، وثقلت وطأته على الحرم، ودبّرت عمّة الفائز في قتل الصالح، وفرّقت الأموال في ذلك، ونمي الخبر إليه فجاء إلى القصر، وأمر الاستاذين والصقالبة بقتلها فقتلوها سرا، وصار الفائز في كفالة عمّته الصغرى، وعظم اشتداد الفائز واستفحل أمره، وأعطى الولايات للأمراء واتّخذ مجلسا لأهل الأدب يسامرون فيه، وكان يقرض الشعر ولا يجيده. وولّى شاور السعدي على قرضه، وأشار عليه حجّابه بصرفه، واستقدمه فامتنع وقال: إن عزلني دخلت بلاد النوبة. وعلى عهده كان استيلاء نور الدين محمود الملك العادل على دمشق من يد بني طغتكين أتابك تتش سنة تسع وأربعين وخمسمائة.

[(وفاة الفائز وولاية العاضد)]

ثم توفي الفائر بنصر الله أبو القاسم عيسى بن الظافر إسماعيل سنة خمس وخمسين، لست سنين من خلافته، فجاء الصالح بن رزّيك إلى القصر وطلب الخدّام بإحضار أبناء الخلفاء ليختار منهم، وعدل عن كبرائهم إلى صغرائهم لمكان استبداده، فوقع اختياره على أبي محمد عبد الله بن يوسف قتيل عبّاس فبايع له بالخلافة وهو غلام، ولقّبه العاضد لدين الله وزوّجه ابنته وجهّزها بما لم يسمع بمثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>