يغذّ السير. ولقي في طريقه محمد بن زكراز من أولاد علي من شيوخ بني ونكاس أهل دبدوا وثغر المغرب منذ دخول بني مرين إليه، فبايعه وحمل قومه على طاعته، وأغذّ السير وكان يحيى بن رحّو والمشيخة لما نبذ عمر بن عبد الله إليهم العهد، وعسكروا بباب الفتوح، أوفدوا مشيخة منهم على تلمسان لاستقدام السلطان عبد الحليم، فوافوه بتازي ورجعوا معه، وتلقته جماعة بني مرين بسبّو، ونزلوا على البلد الجديد يوم السبت سابع محرّم من سنة ثلاث وستين وسبعمائة واضطرب معسكرهم بكدية العرائس، وغادوا البلد القتال وراوحوها سبعة أيام، وتتابعت وفودهم وبيعات الأمصار توافيهم والحشود تتسايل إليهم ثم إنّ عمر بن عبد الله برز من السبت القابل في مقدّمة السلطان أبي عمر بمن معه من جند المسلمين والنصارى، رامحة وناشبة.
ووكّل بالسلطان من جاء به في الساقة على التعبية المحكمة. وناشبهم الحرب فدلفوا إليه فاستطرد لهم ليتمكّن الناشبة من عقرهم من الأسوار حتى فشت فيهم الجراحات. ثم صمّم نحوهم وانفرج القلب وانفضت الجموع وزحف السلطان في الساقة فانذعروا في الجهات. وافترق بنو مرين إلى مواطنهم ولحق يحيى بن رحّو بمراكش مع مبارك بن إبراهيم شيخ الخلط، ولحق عبد الحليم وإخوته بتازي بعد أن شهد لهم أهل المقام بصدق الجلاد وحسن البلاء في ذلك المجال وصابر عمر بن عبد الله قدوم محمد بن أبي عبد الرحمن كما نذكره إن شاء الله تعالى.
[الخبر عن قدوم الأمير محمد ابن الأمير عبد الرحمن وبيعته بالبلد الجديد في كفالة عمر بن عبد الله]
لما نبذ بنو مرين عهدهم واعصوصبوا عليه، ونكروا ما جاء به من البيعة لأبي عمر مع فقده العقل الّذي هو شرط الخلافة شرعا وعادة، ونقموا عليه، اتّهم نفسه في نظره، وفرع إلى التماس المرشحين، فوقع نظره على حافد السلطان أبي الحسن محمد ابن الأمير أبي عبد الله النازع لأوّل دولة السلطان أبي سالم من رندة إلى الطاغية.
وكان قد نزل منه بخير مثوى، فبعث إليه مولاه عتيقا الخصيّ، ثم تلاه بعثمان بن الياسمين، ثم تلاهما بالرئيس الأبكم من بني الأحمر في كل ذلك يستحثّ قدومه، وخاطب المخلوع ابن الأحمر وهو في جوار الطاغية كما قدّمناه قريب عهد بجواره،