للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفساد والتضييق، استقدم بدر الجمالي لولاية الأمور بالحضرة، فاستأذن في الاستكثار من الجند لقهر من تغلّب من جند مصر فأذن له في ذلك، وركب البحر من عكا في عشرة مراكب، ومعه جند كثيف من الأرمن وغيرهم، فوصل الى مصر، وحضر عند الخليفة فولّاه ما وراء بابه، وخلع عليه بالعقد المنظوم بالجوهر مكان الطوق، ولقّبه بالسيد الأجلّ أمير الجيوش، مثل والي دمشق. وأضيف إلى ذلك كافل قضاة المسلمين، وداعي دعاة المؤمنين، ورتّب الوزارة وزاده سيفه [١] وردّ الأمور كلّها إليه، ومنه إلى الخليفة. وعاهده الخليفة على ذلك، وجعل إليه ولاية الدعاة والقضاء، وكان مبالغا في مذهب الإمامية، فقام بالأمور واستردّ ما كان تغلّب عليه أهل النواحي مثل ابن عمّار بطرابلس وابن معرف بعسقلان وبني عقيل بصور. ثم استرد من القوّاد والأمراء بمصر جميع ما أخذوه أيام الفتنة من المستنصر من الأموال والأمتعة. وسار إلى دمياط وقد تغلّب عليها جماعة من المفسدين من العرب وغيرهم، فأثخن في لواتة بالقتل والنهب في الرجال والنساء وسبى نساءهم وغنم خيولهم. ثم سار إلى جهينة وقد ثاروا ومعهم قوم من بني جعفر فلقيهم على طرخ العليا سنة تسع وستين فهزمهم وأثخن فيهم وغنم أموالهم. ثم سار إلى أسوان وقد تغلّب عليها كنز الدولة محمد فقتله وملكها، وأحسن إلى الرعايا ونظّم حالهم وأسقط عنهم الخراج ثلاث سنين، وعادت الدولة إلى أحسن ما كانت عليه.

(وصول الغز الى الشام واستيلاؤهم عليه وحصارهم مصر)

كان السلجوقية وعساكرهم من الغزّ قد استولوا في هذا العصر على خراسان والعراقين وبغداد، وملكهم طغرلبك، وانتشرت عساكرهم في سائر الأقطار، وزحف اتسز


[١] اي زاده على الوزارة حمل السيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>