بين جبلة وحماة وكان الطريق عليه بينهما صعبا ففتحه صلاح الدين من ذلك الوقت واستناب بجبلة سابق الدين عثمان ابن الداية صاحب شيرز وسار عنها للاذقية والله تعالى أعلم بغيبه وأحكم.
[فتح اللاذقية]
ولما فرغ صلاح الدين من أمر جبلة سار إلى اللاذقية فوصلها آخر جمادى الاولى وامتنع حاميتها بحصنين لها في أعلى الجبل وملك المسلمون المدينة وحصروا الإفرنج في القلعتين وحفروا تحت الأسوار وأيقن الإفرنج بالهلكة ودخل إليهم قاضي جبلة ثالث نزولها فاستأمنوا معه وأمنهم صلاح الدين ورفعوا أعلام الإسلام في الحصنين وخرب المسلمون المدينة وكانت مبانيها في غاية الوثاقة والضخامة وأقطعها لتقي الدين ابن أخيه فأعادها إلى أحسن ما كانت من العمارة والتحصين وكان عظيم الهمة في ذلك وكان أسطول صقلّيّة في مرسى اللاذقية وسخطوا ما فعله أهلها ومنعوهم من الخروج منها وجاء مقدّمهم إلى صلاح الدين فرغب منه إقامتهم على الجزية وعرّض في كلامه بالتهديد بامداد الإفرنج من وراء البحر فأجابه صلاح الدين باستهانة أمر الإفرنج وهدّده فانصرف إلى أصحابه ورحل صلاح الدين إلى صهيون والله تعالى أعلم.
[فتح صهيون]
ولما فرغ صلاح الدين من فتح اللاذقية سار إلى قلعة صهيون وهي على جبل صعبة المرتقى بعيدة المهوى يحيط بجبلها واد عميق ضيق ويتصل بالجبل من جهة الشمال وعليها خمسة أسوار وخندق عميق فنزل صلاح الدين على الجبل لضيقها وقدّم ولده الظاهر صاحب حلب فنزل مضيق الوادي ونصب المنجنيقات هنالك فرمى بها على الحصن ونضحهم بالسهام من سائر أصناف القسيّ وصابروا قليلا ثم زحف المسلمون ثاني جمادى الأخرى وسلكوا بين الصخور حتى ملكوا أحد أسوارها وقاتلوهم منه فملكوا عليهم سورين آخرين وغنموا جميع ما كان في البلد من الدواب والبقر والذخائر ولجأ الحامية إلى القلعة وقاتلهم المسلمون عليها فنادوا بالأمان فشرط عليهم مثل قطيعة القدس وملك المسلمون الحصن وولي عليه ناصر الدين بن كورس صاحب قلعة بوفلس فحصنه وافترق المسلمون في تلك النواحي