[خلع الأشرف بن أطسز واستبداد أيبك وأمراء الترك بمصر]
قد تقدّم لنا آنفا بيعة أمراء التركمان بمصر للأشرف موسى بن يوسف أطسز بن الكامل وأنهم خطبوا له وأجلسوه على التخت بعد أن نصبوا للملك أيبك وكان طموحا إلى الاستبداد وكان أقطاي الجامدار من أمراء البحرية يدافعه عن ذلك ويغض من عنانه منافسة وغيره فأرصد له أيبك ثلاثة من المماليك اغتالوه في بعض سكك القصر وقتلوه سنة اثنتين وخمسين وكانت جماعة البحرية ملتفة عليه فانفضوا ولحقوا بالناصر في دمشق واستبد أيبك بمصر.
وخلع الأشرف وقطع الخطبة له فكان آخر أمراء بني أيوب بمصر وخطب أيبك لنفسه ثم تزوّج شجرة الدر أم خليل الملكة قبله فلما وصل البحرية إلى الناصر بدمشق أطمعوه في ملك مصر واستحثوه فتجهز وسار إلى غزة وبرز أيبك بعساكره إلى العباسية فنزل بها وانتقض عليه [١] فتوهموا بالثورة به فارتاب بهم ولحقوا بالناصر ثم تردّدت الرسل بين الناصر وأيبك فاصطلحوا على أن يكون التخم بينهم العريش وبعث الناصر إلى المستعصم مع وزيره كمال الدين بن العديم في طلب الخلعة وكان أيبك قد بعث بالهدية والطاعة إلى المستعصم فمطل المستعصم الناصر بالخلعة حتى بعثها إليه سنة خمس وخمسين ثم قتل المعز أيبك قتلته شجرة الدرّ غيلة في الحمام سنة خمس وخمسين غيرة من خطبته بنت لؤلؤ صاحب الموصل فنصبوا مكانه ابنه عليا ولقبوه المنصور وثاروا به من شجرة الدرّ كما نذكره في أخبارهم إن شاء الله تعالى.
[مسير المغيث بن العادل صاحب الكرك مع البحرية إلى مصر وانهزامهم]
كان البحرية منذ لحقوا بالناصر بعد مقتل أقطاي الجامدار مقيمين عنده ثم ارتاب بهم وطردهم آخر سنة خمس وخمسين فلحقوا بغزة وكاتبوا المغيث فتح الدين عمر بن العادل بالكرك وقد كنا ذكرنا أن بدر الصوافي أخرجه من محبسه بالكرك بعده مقتل توران شاه بمصر وولاه الملك وقام بتدبير دولته وبعث إليه الآن بيبرس البند قداري مقدّم البحرية من غزة
[١] بياض بالأصل وفي تاريخ أبي الفداء ج ٣ ص ١٩٠ وفيها (حوادث سنة ٦٥٣) عزمت العزيزية المقيمون مع المعز أيبك على القبض عليه وعلم بذلك، واستعد لهم فهربوا من مخيمهم على العباسية.