للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها. وكان دبيس قد أسر في واقعة البرسقي عفيفا خادم الخليفة فأطلقه، وحمله إلى المسترشد عقابا ووعيدا على كحل أخيه فغضب الخليفة، وتقدّم إلى البرسقيّ بالخروج لحرب دبيس، وخرج بنفسه في رمضان سنة عشرة وخمسمائة وأتاه سليمان ابن مهارش من الحديثة في جماعة من بني عقيل وقريش بن مسلم صاحب الموصل في كافة بني عقيل. وأمر المسترشد باستنفار الجند كافة، وفرّق فيهم الأموال والسلاح، وجاء دبيسا ما لم يكن يحتسبه فرجع إلى الاستعطاف وبرز الخليفة آخر ذي الحجّة، وعبر دجلة وهو في أكمل زيّه، ومعه وزيره نظام الدين أحمد بن نظام الملك ونقيب الطالبيّين ونقيب النقباء عليّ بن طراد، وشيخ الشيوخ صدر الدين إسماعيل. وبلغ البرسقي مسير المسترشد فعاد إلى خدمته ونزل معه بالحديثة. ثم سار إلى الموصل على سبيل التعبية والبرسقي في المقدّمة، وعبّى دبيس أصحابه صفا واحدا. وجعل الرجّالة بين يدي الخيّالة. وقد كان وعد أصحابه بنهب بغداد وسبي حريمها، فالتقى الفريقان فانهزم عسكر دبيس وأسر جماعة من أصحابه فقتلوا صبرا وسبيت حرمه، ورجع المسترشد إلى بغداد يوم عاشوراء من سنة سبع عشرة وخمسمائة. ونجا دبيس وعبر الفرات، وقصد غزنة من عرب نجد مستنصرا بهم فأبوا عليه، فسار إلى المنتقى [١] وحالفهم على أخذ البصرة فدخلوا ونهبوا أهلها، وقتل مقدّم عسكرها.

وبعث المسترشد إلى البرسقي بالعتاب على إهمال أمر البصرة، فتجهّز البرسقي للانحدار إليها ففارقها دبيس، ولحق بقلعة حعبر وصار مع الفرنج وأطمعهم في حلب وسار معهم لحصارها سنة ثمان عشرة وخمسمائة فامتنعت عليهم فعادوا عنها، ولحق هو بالملك طغرلبك ابن السلطان بن محمد فأغراه بالمسير إلى العراق كما نذكر.

[(مسير دبيس إلى الملك طغرل)]

لما سار دبيس من الشام إلى الملك طغرل بأذربيجان تلقّاه بالمبرّة والتكرمة، وأنظمه في خواصّه ووزرائه. وأغراه دبيس بالعراق، وضمن له ملكه فسار معه لذلك، وانتهوا


[١] وفي نسخة اخرى المنتفق وكذلك في كتاب الكامل وقد مرّت معنا من قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>