للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الخبر عن جزيرة اقريطش وما كان بها للمسلمين من الملك على يد بني البلوطي الى أن استرجعها العدوّ)

هذه الجزيرة من جزر البحر الرومي ما بين صقلّيّة وقبرس في مقابلة الإسكندرية على يد الجالية أهل الربض. وذلك أن أهل الربض الغربي من قرطبة، وكان محلة متصلة بقصر الحكم بن هشام فنقموا عليه وثاروا به سنة اثنتين ومائتين، فأوقع بهم الوقعة المشهورة واستلحمهم، وهدم ديارهم ومساجدهم، وأجلى الفلّ منهم إلى العدوة، ونزلوا بفاس وغيرها. وغرب آخرين إلى الإسكندرية فنزلوا وافترقوا في جوانبها. وتلاحى رجل منهم مع جزار من سوقة الإسكندرية فنادوا بالثأر، واستلحموا كثيرا من أهل البلد وأخرجوا بقيتهم وامتنعوا بها، وولوا عليهم أبا حفص عمر بن شعيب البلوطي ويعرف بأبي الفيض من أهل قرية مطروح، من عمل فحص البلوط المجاور لقرطبة فقام برياستهم. وكان على مصر يومئذ عبد الله بن طاهر فزحف إليهم، وحصرهم بالإسكندرية فاستأمنوا له فأمنهم وبعثهم إلى جزيرة أقريطش فعمروها وأميرهم أبو حفص البلوطي. وتداولها بنوه من بعده مدة من مائة وأربعين سنة إلى أن ملكها أريانوس بن قسطنطين ملك القسطنطينية من يد عبد العزيز بن شعيب من أعقابه سنة خمس وثلاثمائة، وأخرجوا المسلمين منها والله يعيد الكرة ويذهب آثار الكفرة، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

[(أخبار اليمن والدول الإسلامية التي كانت فيه للعباسيين والعبيديين وسائر ملوك العرب وابتداء ذلك وتصاريفه على الجملة ثم تفصيل ذلك على مدنه وممالكه واحدة بعد واحدة)]

قد كنا قدّمنا في أخبار السير النبويّة كيف صار اليمن في ملكة الإسلام بدخول عامله في الدعوة الإسلامية، وهو باذان عامل كسرى، وأسلم معه أهل اليمن. وأمره النبي صلى الله عليه وسلم على جميع مخاليفها، وكان منزله صنعاء كرسي التبابعة. ولما مات

<<  <  ج: ص:  >  >>