السّنّة مع وفور بضاعته من البلاغة. فمن أحكم عقائد السّنّة وشارك في هذا الفنّ بعض المشاركة حتّى يقتدر على الرّدّ عليه من جنس كلامه أو يعلم أنّه بدعة فيعرض عنها ولا تضرّ في معتقده فإنّه يتعيّن عليه النّظر في هذا الكتاب للظّفر بشيء من الإعجاز مع السّلامة من البدع والأهواء. والله الهادي من يشاء إلى سواء السّبيل.
[علم الأدب]
هذا العلم لا موضوع له ينظر في إثبات عوارضه أو نفيها. وإنّما المقصود منه عند أهل اللّسان ثمرته، وهي الإجادة في فنّي المنظوم والمنثور، على أساليب العرب ومناحيهم، فيجمعون لذلك من كلام العرب ما عساه تحصل به الكلمة، من شعر عالي الطّبقة، وسجع متساو في الإجادة، ومسائل من اللّغة والنّحو مبثوثة أثناء ذلك، متفرّقة، يستقري منها النّاظر في الغالب معظم قوانين العربيّة، مع ذكر بعض من أيّام العرب يفهم به ما يقع في أشعارهم منها. وكذلك ذكر المهمّ من الأنساب الشّهيرة والأخبار العامّة. والمقصود بذلك كلّه أن لا يخفى على النّاظر فيه شيء من كلام العرب وأساليبهم ومناحي بلاغتهم إذا تصفّحه لأنّه لا تحصل الملكة من حفظه إلّا بعد فهمه فيحتاج إلى تقديم جميع ما يتوقّف عليه فهمه. ثمّ إنّهم إذا أرادوا حدّ هذا الفنّ قالوا: الأدب هو حفظ أشعار العرب وأخبارها والأخذ من كلّ علم بطرف يريدون من علوم اللّسان أو العلوم الشّرعيّة من حيث متونها فقط وهي القرآن والحديث. إذ لا مدخل لغير ذلك من العلوم في كلام العرب إلّا ما ذهب إليه المتأخّرون عند كلفهم بصناعة البديع من التّورية في أشعارهم وترسّلهم بالاصطلاحات العلميّة فاحتاج صاحب هذا الفنّ حينئذ إلى معرفة اصطلاحات العلوم ليكون قائما على فهمها. وسمعنا من شيوخنا في مجالس التّعليم أنّ أصول هذا الفنّ وأركانه أربعة دواوين وهي: أدب الكتّاب لابن قتيبة وكتاب الكامل للمبرّد وكتاب البيان والتّبيين للجاحظ وكتاب النّوادر لأبي عليّ