للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستحسان ولئلّا يفتات [١] الرّعايا عليه في شيء من النّظر في المصالح العامّة وقد يقول بالوجوب في ذلك من يقول بوجوب إقامة الجمعة فيكون نصب الإمام لها عنده واجبا وأمّا المساجد المختصّة بقوم أو محلّة فأمرها راجع إلى الجيران ولا تحتاج إلى نظر خليفة ولا سلطان وأحكام هذه الولاية وشروطها والمولّى فيها معروفة في كتب الفقه ومبسوطة في كتب الأحكام السّلطانيّة للماورديّ وغيره فلا نطوّل بذكرها ولقد كان الخلفاء الأوّلون لا يقلّدونها لغيرهم من النّاس. وانظر من طعن من الخلفاء في المسجد عند الأذان بالصّلاة وترصّدهم لذلك في أوقاتها، يشهد لك ذلك بمباشرتهم لها وأنّهم لم يكونوا مستخلفين فيها. وكذا كان رجال الدّولة الأمويّة من بعدهم استئثارا بها واستعظاما لرتبتها.

يحكى عن عبد الملك أنّه قال لحاجبه «قد جعلت لك حجابة يأبى إلّا عن ثلاثة: صاحب الطّعام فإنّه يفسد بالتّأخير والأذان بالصّلاة فإنّه داع إلى الله والبريد فإنّ في تأخيره فساد القاصية» فلمّا جاءت طبيعة الملك وعوارضه من الغلظة والتّرفّع عن مساواة النّاس في دينهم ودنياهم استنابوا في الصّلاة فكانوا يستأثرون بها في الأحيان وفي الصّلوات العامّة كالعيدين والجمعة إشارة وتنويها فعل ذلك كثير من خلفاء بني العبّاس والعبيديّين صدر دولتهم.

وأمّا الفتيا

فللخليفة تصفّح أهل العلم والتّدريس وردّ الفتيا إلى من هو أهل لها وإعانته على ذلك ومنع من ليس أهلا لها وزجره لأنّها من مصالح المسلمين في أديانهم فتجب عليه مراعاتها لئلّا يتعرّض لذلك من ليس له بأهل فيضلّ النّاس.

وللمدرّس الانتصاب لتعليم العلم وبثّه والجلوس لذلك في المساجد فإن كانت من المساجد العظام الّتي للسّلطان الولاية عليها والنّظر في أئمّتها كما مرّ فلا بدّ من استئذانه في ذلك وإن كانت من مساجد العامّة فلا يتوقّف ذلك على إذن. على أنّه ينبغي أن يكون لكلّ أحد من المفتين والمدرّسين زاجر من نفسه يمنعه عن


[١] يخالفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>