كان ابتداء أمرهم فيما زعموا أنّ رجلا ظهر بسواد الكوفة سنة ثمان وسبعين ومائتين يتّسم بالزهد، وكان يدعى قرمط يقال لركوبه على ثور كان صاحبه يدعى كرميطة فعرب وقيل بل اسمه حمدان ولقبه قرمط. يقال وزعم أنه داعية لأهل البيت للمنتظر منهم واتّبعه العبّاس فقبض عليه الهيصم عامل الكوفة وحبسه، ففرّ من حبسه وزعم أنّ الإغلاق لا يمنعه. ثم زعم أنه الّذي بشّر به أحمد بن محمد ابن الحنفية، وجاء بكتاب تناقله القرامطة فيه بعد البسملة: يقول الفرح بن عثمان من قرية نصرانه أنه داعية المسيح وهو عيسى، وهو الكلمة، وهو المهديّ، وهو أحمد بن محمد بن الحنفيّة، وهو جبريل. وإنّ المسيح تصوّر له في جسم إنسان فقال له إنك الداعية وإنك الحجة وإنك الناقة وإنك الدابة وإنك يحيى بن زكريا وإنك روح القدس، وعرّفه أنّ الصلاة أربع ركعات قبل طلوع الشمس وركعتان قبل غروبها، وأنّ الأذان بالتكبير في افتتاحه وشهادة التوحيد مرّتين، ثم شهادة بالرسالة لآدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم عيسى ثم محمّد صلوات الله عليهم، ثم لأحمد بن محمد بن الحنفية ويقرأ الاستفتاح في كل ركعة وهو من المنزل على أحمد بن محمد بن الحنفية، والقبلة بيت المقدس والجمعة يوم الإثنين، ولا يعمل فيه شيء. والسورة التي تقرأ فيها: الحمد للَّه بكلمته وتعالى باسمه المنجد لأوليائه، قل إنّ الأهلّة مواقيت للناس، ظاهرها ليعلم عدد السنين والحساب والشهور والأيام، وباطنها أوليائي الذين عرّفوا عبادي سبيلي، اتقوني يا أولى الألباب، وأنا الّذي لا أسأل عما أفعل وأنا العليم الحكيم، وأنا الّذي أبلو عبادي وأمتحن خلقي، فمن صبر على بلائي ومحنتي واختباري ألقيته في جنّتي وفي نعمتي، ومن زال عن أمري وكذّب رسلي أخلدته مهانا في عذابي وأتممت أجلي وأظهرت على ألسنة رسلي. فأنا الّذي لم يعل جبار إلا وضعته وأذللته، فبئس الّذي أصرّ على أمره، ودام على جهالته. وقال: لن نبرح عليه عاكفين وبه موقنين أولئك هم الكافرون. ثم يركع ويقول في ركوعه: مرتين سبحان ربي وربّ العزة وتعالى عما يصف الظالمون، وفي سجوده الله أعلى مرّتين، الله أعظم مرّة، والصوم مشروع يوم المهرجان، والنّيروز. والنبيذ حرام والخمر حلال، والغسل من الجنابة كالوضوء. ولا يؤكل ذو ناب ولا ذو مخالب، ومن خالفهم