للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقتل سلطانهم، وعفا عنهم وأثبتهم في الديوان، وفرض لهم العطاء، واستتبعهم على راياتهم ومراكزهم،. وجمع كلمة بني واسين من بني مرين وبني عبد الواد وتوجين، وسائر زناتة وأنزلهم ببلاد المغرب وسدّ بكل طائفة منهم ثغرا من أعماله، وساروا عصبا تحت لوائه، فأنزل منهم بقاصية السوس وبلاد غمارة، وأجاز منهم إلى ثغور عمله بالأندلس حامية ومرابطين، واندرجوا في جملته، واتسع نطاق ملكه. وأصبح ملك زناتة بعد أن كان ملك بني مرين وسلطان العدوتين بعد أن كان سلطان المغرب.

والأرض للَّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.

[(الخبر عن نكبة الأمير عبد الرحمن بمتيجة وتقبض السلطان عليه ثم مهلكه آخرا)]

قد قدّمنا ما كان من اشتراط السلطان أبي سعيد على الموحّدين منازلتهم تلمسان مع عساكره، وتلوّم السلطان أبي الحسن بتاسالت لانتظار مولانا السلطان أبي يحيى.

ولما نازل تلمسان بعساكره المرّة الثانية، لم يطالبهم بذلك. وكان أبو محمد بن تافراكين يتردّد إليه وهو بمعسكره من حصار تلمسان مؤدّيا حقه مستخبرا مآل عدوّهم. فلمّا تغلّب على تلمسان أسرّ إليه سفيره أبو محمد بن تافراكين بأنّ سلطانه قادم عليه للقائه وتهنئته بالظفر بعدوّه. وتشوّف السلطان أبو الحسن إليها لما كان يحب الفخر ويعنى به، وارتحل من تلمسان سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، وعسكر ببسيط بمتيجة منتظرا وفادة مولانا السلطان أبي يحيى عليه، وتكاسل السلطان عنها لما أراه سيفه المتحكّم في دولته محمد بن الحكيم من حذر مغبتها، وقال له: إنّ لقاء سلطانين لا يتّفق إلّا في يوم على أحدهما، فكره ذلك السلطان وتقاعد عنه: وطال مقام السلطان أبي الحسن في انتظار الموعد الّذي ألقى إليه أبو محمد بن تافراكين، واعتل لأشهر من مقامه ومرض بفسطاطه. وتحدّث أهل المعسكر بمهلكه. وكان ابنا الأمير أبو عبد الرحمن وأبو مالك متناغيين في ولاية عهده منذ أيام جدّهما أبي سعيد. وكان السلطان قد جعل لهما من أوّل دولته ألقاب الإمارة وأحوالها من اتخاذ الوزراء والكتّاب ووضع العلامة وتدوين الدواوين وإثبات العطاء. واستلحاق الفرسان والانفراد بالعساكر، فكانا من ذلك على ثبج. وجعل لهما مع ذلك الجلوس لمقعد فصله،

<<  <  ج: ص:  >  >>