صاحب تونس، وخرج معهم شيخ الدولة أبو يعقوب بن يزدوتن والوزير أبو عبد الله ابن يرزيكن في العساكر للّقاء، ووقّوا سلطانهم بأنفسهم. فلما زحف إليهم السلطان أبو البقاء اختلّ مصافهم وانهزموا وانتهب المعسكر، وقتل الوزير ابن يرزيكن، وأجفلت أحياء العرب إلى القفر، ودخل العسكر إلى البلد واضطرب الأمر، وخرج الأمير أبو بكر بن عبد الرحمن فوقف بساحة البلد قليلا، ثم تفرّق عنه العسكر وتسايلوا إلى السلطان أبي البقاء. وفر أبو بكر ثم أدرك ببعض الجهات فثلّ إلى السلطان فاعتقله في بعض الفازات، وغدا على السلطان أهل الحضرة من المشيخة والموحدين والفقهاء والكافة فعقدوا بيعته. وقتل الأمير فسمّي الشهيد آخر الدهر، وباشر قتله ابن عمه أبو زكريا يحيى بن زكريا شيخ الموحدين. ودخل السلطان من الغد إلى الحضرة واستقل بالخلافة، وتلقّب بالناصر لدين الله المنصور. ثم استضاف إلى لقبه المتوكل. وأبقى أبا يعقوب بن يزدوتن في رياسته على الموحدين مشاركا لأبي زكريا يحيى بن أبي الأعلام الّذي كان رئيسا عنده قبلها واستمرّ على خطة الحجابة أبو عبد الرحمن يعقوب بن عمر، وولّى على الأشغال بالحضرة منصور بن فضل بن مزني، وجرت الحال على ذلك إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله تعالى.
[(الخبر عن بيعة ابن مزني يحيى بن خالد ومصاير أموره)]
كان يحيى بن خالد ابن السلطان أبي إسحاق في جملة السلطان أبي البقاء خالد، وتنكّرت له الدولة لبعض النزغات فخشي البادرة وفرّ فلحق بمنصور بن مزني. وكان منصور قد استوحش من ابن عمر فدعاه إلى القيام بأمره فأجاب، وعقد له على حجابته، وجمع له العرب وأجمع على قسنطينة أياما، وبها يومئذ ابن طفيل، وكانت قد اجتمعت ليحيى بن خالد زعنفة من الأوغاد اشتملوا عليه واشتمل عليهم، وأغروه بابن مزني فوعدهم إلى حين ظفره، واطلع ابن مزني على سوء دغلته فنفض يده من طاعته، وانصرف عنه إلى بلده، فانفضّت جموعه ابن مزني على سوء دغلته فنفض يده من طاعته، وانصرف عنه إلى بلده، فانفضّت جموعه وراجع ابن مزني طاعة السلطان أبي البقاء ومخالصة بطانته وحاجبه فتقبّلوه، ولحق