حلوان وجاءه هرثمة في جيش من عند المأمون ومعه كتاب بأن يسلّم إلى هرثمة ما ملكه من المدن ويتقدّم إلى الأهواز ففعل ذلك.
[أمر عبد الملك بن صالح وموته]
قد تقدّم لنا حبس عبد الملك بن صالح إلى أن مات الرشيد وأخرجه الأمين، ولما كان أمر طاهر جاء عبد الملك إلى الأمين وأشار عليه بأن يقدّم أهل الشام لحربه، فهم أجرأ من أهل العراق وأعظم نكاية في العدوّ، وضمن طاعتهم بذلك، فولّاه الأمين أهل الشام والجزيرة وقرّ له بالمال والرجال واستحثه، فسار إلى الرقّة وكاتب أهل الشام فتسالموا إليه فأكرمهم وخلع عليهم وكثرت جموعه. ثم مرض واشتدّ مرضه ووقعت فتنة في عسكره بين الخراسانيّين وأهل الشام بسبب دابة أخذت لبعضهم في وقعة سليمان بن أبي جعفر وعرفها عند بعض أهل الشام، فاقتتلوا وأرسل إليهم عبد الملك بالقتل فلم يقتلوا، وكثر القتل وأظهر عبد الملك النصرة للشاميّين وانتقض الحسين ابن عليّ للخراسانيين، وتنادى الناس بالرجوع إلى بلادهم فمضى أهل حمص وقبائل كلب فانهزم أهل الشام وأقام عبد الملك بن صالح بالرقّة، توفي بها.
[خلع الأمين وإعادته]
ولما مات عبد الملك بن صالح نادى الحسين بن عليّ في الجند بالرحيل إلى بغداد وقدمها فلقيه القوّاد ووجوه الناس ودخل منزله واستدعاه الأمين من جوف الليل فامتنع وأصبح، فوافى باب الجسر وأغراهم بخلع الأمين وحذّرهم من نكثة ثم أمرهم بعبور الجسر فعبروا ولقيه أصحاب الأمين فانهزموا، وذلك منتصف رجب سنة ست، وأخذ البيعة للمأمون من الغد ووثب العبّاس بن عيسى بن موسى بالأمين فأخرجه من قصر الخلد وحبسه بقصر المنصور ومعه أمّه زبيدة، فلما كان من الغد طلب الناس أرزاقهم من الحسين وماج بعضهم في بعض، وقام محمد بن أبي خالد فنكر استبداد الحسين بخلع الأمين وليس بذي منزلة ولا حسب ولا نسب ولا غنائم.
وقال أسد الحربي قد ذهب أقوام بخلع الأمين فاذهبوا أنتم بفكّه يا معشر الحربيّة، فرجع الناس على أنفسهم باللائمة وقالوا ما قتل قوم خليفتهم إلّا سلّط الله عليهم السيف. ثم نهضوا إلى الحسين وتبعهم أهل الأرض فقاتلوه قتالا شديدا وأسروه ودخل