للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عمله بما أظهر من كفايته وتنميته للأموال حتى قصر بهم وأديل منهم.

وكان الكثير منهم متعلّقا من ابن أبي الحسين رئيس الدولة بذمّة خدمة، فأسفه بذلك وأغرى به بطانة السلطان ومواليه، حتى سعوا به عند السلطان، وأنه يروم الثورة بالمهديّة، حتى خشن له باطن السلطان. فدخل عليه ذات يوم أبو العبّاس الغسّاني فاستجازه السلطان في قوله: «اليوم يوم المطر» فقال الغسّاني: «ويوم رفع الضرر» فتنبّه السلطان واستزاده فأنشد: «والعام تسعة كمثل عام الجوهري» فكانت إغراء باللياني، فأمر أن يتقبّض عليه وعلى عدوه ابن العطّار، وكان عاملا. وأمر أبا زيد بن يغمور بامتحانهما فعذّبهما حتى استصفى أموالهما، والميل في ذلك على اللياني. وكان في أيام امتحانه يباكر موضع عمله. ثم نمي عنه أنه يروم الفرار إلى صقلّيّة، وبوحث بعض من داخله في ذلك فأقرّ عليه، فدفع إلى هلال كبير الموالي من العلوج فضربه إلى أن قتله، ورمى بشلوه إلى الغوغاء فعبثوا به وقطعوا رأسه، ثم تتبع أقاربه وذووه بالنكال إلى ان استنفدوا.

[(الخبر عن انتقاض أبي علي الملياني بمليانة على يد الأمير أبي حفص)]

كان المغرب الأوسط من تلمسان وأعمالها إلى بجاية في طاعة السلطان منذ تغلّب أبوه الأمير أبو زكريا عليه، وفتح تلمسان وأطاعه يغمراسن وكان بين زناتة بتلك الجهات فتن وحروب شأن القبائل اليعاسيب، وكانت مليانة من قسمة مغراوة بني ورسيفان، وكانوا أهل بادية. وتقلّص ظل الدولة عن تلك الجهات بعض الشيء. وكان أبو العبّاس الملياني من مشيخة مليانة صاحب فقه ورواية وسمت ودين، رحل إليه الأعلام وأخذ عنه العلماء، وانتهت إليه رئاسة الشورى ببلده. ونشأ ابنه أبو عليه علي من الخلال متهالكا في الرئاسة متبعا غواية الشبيبة، فلما رأى تقلّص ظل الدولة وفتن مغراوة مع يغمراسن ومزاحمته لهم، حدّثته نفسه بالاستبداد فخلع طاعة آل أبي حفص ونبذ دعوتهم، وانبرى بها داعيا لنفسه. وبلغ الخبر إلى السلطان فسرّح إليه أخاه الأمير أبا حفص، ومعه الأمير أبو زيد بن جامع، ودن الرنك أخو الفنش،

<<  <  ج: ص:  >  >>