مترصدون الطرق للنهب فسلبوه وهموا بقتله. وشعر بعضهم أنه السلطان فمضى به إلى بيته ليخلصه إلى بعض النواحي، ودخل البيت في مغيبه بعض سفلتهم وهو يريد الثأر من الخوارزمية بأخ له قتل بخلاط فقتله، ولم يغن عنه أهل البيت. ثم انتشر التتر بعد هذه الواقعة في سواد آمد وأرزن وميافارقين وسائر ديار بكر فاكتسحوها وخربوها، وملكوا مدينة أسعرد عنوة فاستباحوها بعد حصار خمسة أيام، ومرّوا بميافارقين فامتنعت، ثم وصلوا إلى نصيبين فاكتسحوا نواحيها، ثم إلى سنجار وجبالها والخابور. ثم ساروا إلى أيدس فأحرقوها، ثم إلى أعمال خلاط فاستباحوا هاكري وأرجيش. وجاءت طائفة أخرى من أذربيجان إلى أعمال أربل ومرّوا في طريقهم بالتركمان الأيوبيّة والأكراد الجوزقان فنهبوا وقتلوا، وخرج إليهم والي أربل مستمدا أهلها وعساكر الموصل فلم يدركوهم فعادوا وبقيت البلاد قاعا صفصفا. والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
[التعريف بجنكزخان وقسمة الأعمال بين ولده وانفراده بالكرسي في قراقوم [١] وبلاد الصين]
هذا السلطان جنكزخان هو سلطان التتر لعهده ثم من المغل أحد شعوبهم، وفي كتاب لشهاب الدين بن فضل الله: أنه من قبيلة أشهر قبائل المغل وأكبرهم، (وزايه التي بين الكاف والخاء ليست صريحة وإنما مشتملة بالصاد فينطق بها بين الصاد والزاي) وكان اسمه تمرجين ثم أصاروه جنكزخان تمام الاسم وهو بمعنى الملك عندهم. وأما نسبته فهي هكذا: جنكز بن بيسوكي بن بهادر بن تومان برتيل خان بن تومينه بن باد سنقر بن تيدوان ديوم بن بقا بن مودنجة، أحد عشر اسما أعجميا صعبة الضبط وهذا منحاها. وفي كتاب ابن فضل الله فيما نقله عن شمس الدين الأصفهاني إمام المعقولات بالمشرق أخذها عن أصحاب نظير الدين الطوسي قال: أنّ مودنجة اسم امرأة وهي جدتهم من غير أب.
قالوا: وكانت متزوجة وولدت ولدين اسم أحدهما بكتوت والآخر بلكتوت، ويقال لولدها بنو الدلوكية. ثم مات زوجها وتأيمت وحملت وهي أيم فنكر عليها أقرباؤها فذكرت أنها رأت بعض الأيام نورا دخل في فرجها ثلاث مرات، وطرأ عليها الحمل
[١] قراقوم: بفتح القاف والراء المهملة وألف وقاف مضمومة وواو ساكنة وميم، معناه الرمل الأسود بالتركية. قال ابن سعيد: وقراقوم كانت قاعدة التتر، وفي جهاتها بلاد المغل، وهم خالصة التتر ومنها خاناتهم (تقويم البلدان لأبي الفداء) .