للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وستمائة وقام بالأمر ابنه يوسف بن يعقوب. وانتزى الخوارج عليه بكل جهة، فشمّر لهم واستنزلهم وحسم أدواءهم. ثم خرج عليه ابنه آخرا كما ذكرناه بممالأة وزير السلطان محمد بن عطّو. ثم فاء إلى طاعة أبيه ورضي عنه، وأعاده إلى مكانه من حضرته. وطالب عثمان بن يغمراسن كما ذكرناه في ابن عطو المنتزي عليه مع ابنه، فأبى عثمان من تسليمه وتحرّكت حفيظة السلطان واعتزم على غزوهم، فارتحل من مراكش لصفر من سنة سبع وثمانين [١] وعقد عليها لابنه الأمير أبي عبد الرحمن. ثم نهض لغزاته من فاس آخر ربيع من سنته في عساكره وجنوده، وحشد القبائل وكافة أهل المغرب، وسار حتى نزل تلمسان فانحجز عثمان وقومه بها، ولاذوا منه بجدرانها.

فسار في نواحيها ينسف الآثار ويخرب العمران ويحطم الزرع. ثم نزل بذراع الصابون بساحتها. ثم انتقل منه إلى تامة [٢] وحاصرها أربعين يوما، وقطع أشجارها، وأباد خضراءها. ولما امتنعت عليه أفرج عنها وانكفأ راجعا إلى المغرب. وقضى نسك الفطر بعين الصفا من بلاد بني يرناتن، ونسك الأضحى وقربانه بتازى، وتلبّث بها، ومنها كان فصوله للغزو عند انتقاض الطاغية كما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن انتقاض الطاغية واجازة السلطان لغزوه)]

لما رجع السلطان من غزو تلمسان وافاه الخبر بأنّ الطاغية شانجة انتقض ونبذ العهد، وتجاوز التخوم وأغار على الثغور، فأوعز إلى قائد المسالح علي بن يوسف بن يزكاسن بالدخول إلى دار الحرب ومنازلة شريش. وشنّ الغارات على بلاد الطاغية، فنهض لذلك في ربيع الآخر من سنة تسعين وستمائة وجاس خلالها، وتوغّل في أقطارها، وأبلغ في النكاية. وفصل السلطان من تازى غازيا على أثره في جمادى، واحتل قصر مصمودة، واستنفر أهل المغرب وقبائله. ونفروا وشرع في إجازتهم البحر. وبعث الطاغية أساطيله إلى الزقاق حجزا دون الإجازة، فأوعز السلطان إلى قوّاد أساطيله بالسواحل فأغزاهم. والتقت الأساطيل ببحر الزقاق في شعبان فاقتتلوا وانكشف


[١] وفي نسخة ثانية: تسع وثمانين.
[٢] وفي نسخة ثانية: ثمامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>