للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، وكان للخبيث جمع من الزنج وهم أشجع أصحابه، قد تحصّنوا بحصن منيع يخرجون على أصحاب الموفّق عند الحرب فيعوقونهم فأجمع على تخريبه وجمع المقاتلة عليه برّا وبحرا وفرّقهم على سائر جهاته وجهات الخبيث، وأمدّ الخبيث الحصن بالمهلّبيّ وابن جامع، فلم يغنوا عنه وانهزموا، وتركوا الحصن في يدي أصحاب الموفّق وهزموه وقتلوا من الزنج خلقا، وخلّصوا من الحصن كثيرا من النساء والصبيان، ورجع الموفّق إلى عسكره ظافرا.

[استيلاء الموفق على الجهة الغربية]

ولما هدم الموفق سور دار الخبيث أمر بتوسعة الطرق للحرب، وأحرق الجسر الأوّل الّذي على نهر أبي الخصيب ليمنع من مدد بعضهم بعضا، فكان في إحراقه حرب عظيمة. وأعدّت لذلك سفينة ملئت قصبا وجعل فيها النفط، وأرسلت في قوّة المدد فتبادر الزنج إليها وغرقوها فركب الموفّق إلى فوهة نهر أبي الخصيب وقصدهم من غربي النهر وشرقيّه إلى أن انتهوا إلى الجسر من غربيّه وعليه أنكلاي بن الخبيث وابن جامع فأحرقوه، وفعل مثل ذلك من الجانب الشرقي، فاحترق الجسر والحظيرة التي كانت لإنشاء السفن، وسجن كان هناك للخبيث. وانحاز هو وأصحابه من الجانب الغربي واستأمن كثير من قوّاده فأمّنهم وأخرجوا أرسالا وخرج قاضيه هاربا، ووكّل بالجسر الثاني من يحفظه وأمر الموفّق ابنه أبا العبّاس بأن يتجهّز لإحراقه فزحف في أنجاد غلمانه ومعه الفعلة والآلات. وكان في الجانب الغربي قبالة أبي العبّاس أنكلاي وابن جامع، وفي الجانب الغربي قبالة أسد مولى الموفّق الخبيث نفسه والمهلّبيّ، وجاءت السفن في النهر وقاتلوا حامية الجسر فانهزم ابن جامع وأنكلاي وأضرمت النار في الجسر، ولما وافياه وهو مضطرم نارا ألقيا أنفسهما في النهر فخلصا بعد أن غرق من أصحابهما خلق، واحترق الجسر واتصل الحريق بدورهم وقصورهم وأسواقهم، وافترق الجيش في الجانبين ونهبت دار الخبيث واستنفذ من كان في حبسه من النسوة والرجال. وأخرج ما كان في نهر أبي الخصيب من أصناف السفن إلى دجلة ونهبها أصحاب الموفّق واستأمن أنكلاي بن الخبيث وعلم أبوه فثنّاه عن ذلك. واستأمن سليمان بن موسى الشعراني من رؤساء قوّاده فأجيب بعد توقف. ولما خرج تبعه أصحاب الخبيث فقاتلهم، ووصل إلى الموفّق فأحسن إليه واقتفى أثره في ذلك شبل ابن سالم من قوّاده، وعظم على الخبيث وأوليائه استئمان هؤلاء، وصار شبل بن سالم يخرج في السرايا إلى عسكر الخبيث ويكثر النكاية فيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>