أنطاكية وهو قاصد إلى دمشق لإنجاد صاحبها علي زنكي فقتل الوالي ومن معه من العسكر ولجأ الباقون إلى قاشاش وجاء معين الدين أنز أثر ذلك في العساكر فملكها وسلمها للافرنج وبلغ الخبر إلى أتابك زنكي فسار إلى دمشق بعد أن فرّق سراياه وبعوثه على حوران وأعمال دمشق وسار هو متجرّدا إليها فصبحها وخرج العسكر لقتاله فقاتلهم عامّة يومه ثم تأخر إلى مرج راهط وانتظر بعثوه حتى وصلوا إليه وقد امتلأت أيديهم بالغنائم ورحل عائدا إلى بلده.
[مسير الإفرنج لحصار دمشق]
كان الإفرنج منذ ملكوا سواحل الشام ومدنه تسير إليهم أمم الإفرنج من كل ناحية من بلادهم مددا لهم على المسلمين لما يرونه من تفرّد هؤلاء بالشام بين عدوّهم وسار في سنة ثلاث وأربعين ملك الالمان من أمراء الإفرنج من بلاده في جموع عظيمة قاصدا بلاد الإسلام لا يشك في الغلب والاستيلاء لكثرة عساكره وتوفر عدده وأمواله فلما وصل الشام اجتمع عليه عساكر الإفرنج الذين له ممتثلين أمره فأمرهم بالمسير معه إلى دمشق فساروا لذلك سنة ثلاث وأربعين وحاصروها فقام معين الدين أنز في مدافعتهم المقام المحمود ثم قاتلهم الإفرنج سادس ربيع الأوّل من السنة فنالوا من المسلمين بعد الشدّة والمصابرة واستشهد ذلك اليوم الفقيه حجة الدين يوسف العندلاوي المغربي وكان عالما زاهدا وسأله معين الدين يومئذ في الرجوع لضعفه وسنه فقال له قد بعت واشترى مني فلا أقيل ولا أستقيل يشير إلى آية الجهاد وتقدّم حتى استشهد عند أسرت على نصف فرسخ من دمشق واستشهد معه خلق وقوي الإفرنج ونزل ملك الألمان الميدان الأخضر وكان عماد الدين زنكي صاحب الموصل قد توفي سنة إحدى وأربعين وولي ابنه سيف الدين غازي الموصل وابنه نور الدين محمود حلب فبعث معين الدين أنز إلى سيف الدين غازي صاحب الموصل يستنجده فجاء لإنجاده ومعه أخوه نور الدين وانتهوا إلى مدينة حمص وبعث إلى الإفرنج يتهدّدهم فاضطرّوا إلى قتاله وانقسمت مؤنتهم بين الفريقين وأرسل معين الدين إلى الألمان يتهدّدهم بتسليم البلد إلى ملك المشرق يعني صاحب الموصل وأرسل إلى فرنج الشام يحذرهم من استيلاء ملك الألمان على دمشق فإنه لا يبقى لكم معه مقام في الشام ووعدهم يحصن قاشاش فاجتمعوا إلى ملك الألمان وخوفوه من صاحب الموصل أن يملك دمشق فرحل عن البلد وأعطاهم معين الدين قلعة قاشاش وعاد ملك الألمان إلى بلاده على البحر المحيط في