وفي سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة توفي الإخشيد أبو بكر محمد بن طغج صاحب مصر والشام، فنصب للأمر بعده ابنه ابو القاسم أنوجور، واستولى عليه كافور الأسود وخادم أبيه، وسار بهما إلى مصر. وجاء سيف الدولة إلى دمشق فملكها، وارتاب به أهلها فاستدعوا كافورا فجاءهم، وخرج سيف الدولة إلى حلب، ثم اتبعوه فعبر إلى الجزيرة وأقام أنوجور على حلب. ثم اتفقوا واصطلحوا، وعاد أنوجور إلى مصر وسيف الدولة إلى حلب، وأقام كافور بدمشق قليلا، ثم عاد إلى مصر واستعمل على دمشق بدرا الإخشيد ويعرف ببدير. ثم عزله بعد سنة وولى أبا المظفر طغج.
[(الفتنة بين ناصر الدولة بن حمدان وبين تكين والأتراك)]
كان مع ناصر الدولة جماعة من الأتراك أصحاب توزون فرّوا إليه كما قدّمنا، فلما وقعت المراسلة بينه وبين معز الدولة في الصلح ثاروا به، وهرب منهم وعبر إلى الجانب الغربي ونزل الموصل واستجار القرامطة فأجاروه، وبعثوا معه إلى مأمنه، وفي جملته ابن شيرزاده فقبض ناصر الدولة عليه، واجتمع الأتراك بعده فقدموا عليهم تكين الشيرازي، وقبضوا على من تخلف من أصحاب ناصر الدولة واتبعوه إلى الموصل فسار عنها إلى نصيبين ودخل الأتراك الموصل. وبعث ناصر الدولة إلى معز الدولة يستصرخه، فبعث إليه الجيوش مع وزيره أبي جعفر الصيمري وخرج الأتراك من الموصل في اتباع ناصر الدولة إلى نصيبين فمضى إلى سنجار ثم إلى الحديثة إلى السن، وهم في اتباعه. وبقي هنالك العساكر فقاتلوا الأتراك وهزموهم، وسيق قائدهم تكين إلى ناصر الدولة فسمله لوقته ثم حبسه. وسار مع الصيمري إلى الموصل فأعطاه ابن شيرزاده وارتحل به إلى بغداد.