للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوفد على السلطان ابن عبد الحق ولقيه كما مرّ. وكان حسّان من رعاة إبله. فلما استقرّ عبد الله بن كندوز بناحية مراكش وأقطعه السلطان يعقوب في أعمالها، وكان الظهر الّذي يحمل عليه السلطان متفرّقا في سارية المغرب، فجمعه وجعله لنظر عبد الله بن كندوز، فجمع له الرعاة وكبيرهم يومئذ حسّان الصبيحيّ، فكان يباشر السلطان في شأن ذلك الظهر ويطالعه في مهمّاته، فحصلت له مداخلة أجلبت إليه الحظ، حتى ارتفع وكبر. ونشئوا في ظلّ الدولة وعزّها وتصرفوا في الولايات فيها، وانفردوا بالشاوية فلم تزل ولايتها متوارثة فيهم منقسمة بينهم لهذا العهد إلى ما كانوا يتصرفون فيه من غير ذلك من الولايات، وكان لحسّان من الولد علي ويعقوب وطلحة وغيرهم، ومن حسّان هذا تفرّعت شعوبهم في ولده، وهم لهذا العهد متصرفون في الدولة على ما كان سلفهم من ولاية الشاوية والنظر في رواحل السلطان والظهر الّذي يحمل من الإبل، ولهم عدد وكثرة ونباهة في الدولة، والله أعلم.

[الانتقاض الثاني بين صاحب فاس وصاحب مراكش ونهوض صاحب فاس إليه وحصاره ثم عودهما إلى الصلح]

لما رجع السلطان إلى فاس على ما استقرّ من الصلح، طلب الأمير عبد الرحمن أن يدخل عمالة صنهاجة ودكالة في أعماله، وكتب السلطان إلى الحسن بن يحيى عامل أزمور وتلك العمالة بأن يتوجّه إليه ويسدّ المذاهب في ذلك دونه. وكان الحسن بن يحيى مضطغنا على الدولة، فلما وصل إليه داخله في الخلاف وأن يملّكه تلك العمالة، فازداد الأمير عبد الرحمن بذلك قوّة على أمره، وتعلّل على صاحب فاس بأن يكون حدّا بين الدولتين ووادي أم ربيع. واستمرّ صاحب فاس على الاباية من ذلك، فنهض الأمير عبد الرحمن من مراكش، ودخل الحسن بن يحيى في طاعته فملكها، وبعث مولاه منصورا في العساكر إلى أنفاه [١] فاستولى عليها وصادر أعيانها وقاضيها وواليها وبلغ الخبر إلى السلطان، فنهض من فاس في عساكره، وانتهى إلى


[١] وفي نسخة ثانية: أنف. وفي أخرى: أنفى. ذكرها ياقوت في شعر هذيل (لأنف بلد) ولم يحدد موقعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>