وسارت سرايا المسلمين من حولهم وفيما بين معسكرهم وبين دمياط فرحلوا راجعين إليها وأتبعهم المسلمون فأدركهم الدهش وانهزموا وأسر ملكهم ريّ إفرنس وهو المعروف بالفرنسيس وقتل منهم أكثر من ثلاثين ألفا واعتقل الفرنسيس بالدار المعروفة بفخر الدين بن لقمان ووكل بها الخادم صبيح المعظمي ثم رحل المعظم بعساكر المسلمين راجعا إلى مصر والله تعالى أعلم.
مقتل المعظم توران شاه وولاية شجرة الدرّ وفداء الفرنسيس بدمياط
ولما بويع المعظم توران شاه وكانت له بطانة من المماليك جاء بهم من كيفا فتسلطوا على موالي أبيه وتقسموهم بين النكبة والإهمال وكان للصالح جماعة من الموالي وهم البحرية الذين كان ينزلهم بالدار التي بناها إزاء المقياس وكانوا بطانته وخالصته وكان كبيرهم بيبرس وهو الّذي كان الصالح بعثه بالعساكر لقتال الخوارزمية عند ما زحفوا مع عمه الصالح إسماعيل صاحب دمشق وقد مرّ ذكر ذلك فصارت طاغيته معهم استمالهم الصالح فصاروا معه وزحفوا مع عساكره إلى عساكر دمشق والإفرنج فهزموهم وحاصروا دمشق وملكوها بدعوة الصالح كما مرّ واستوحش بيبرس حتى بعث إليه الصالح بالأمان سنة أربع وأربعين ولحقه بمصر فحبسه على ما كان منه ثم أطلقه وكان من خواص الصالح أيضا قلاون الصالحي كان من موالي علاء الدين قراسنقر مملوك العادل وتوفي سنة خمس وأربعين وورثه الصالح بحكم الولاء ومنهم أقطاي الجامدار وأيبك التركماني وغيرهم فأنفوا من استعلاء بطانة المعظم توران شاه عليهم وتحكمهم فيهم فاعصوصبوا واعتزموا على الفتك بالمعظم ورحل من المنصورة بعد هزيمة الإفرنج راجعا إلى مصر فلما قربت له الحراقة عند البرج ليركب البحر كبسوه بمجلسه وتناوله بيبرس بالسيف فهرب إلى البرج فاضرموه نارا فهرب إلى البحر فرموه بالسهام فألقى نفسه في الماء وهلك بين السيف والماء لشهرين من وصوله وملكه ثم اجتمع هؤلاء الأمراء المتولون قتل توران شاه ونصبوا للملك أم خليل شجرة الدر زوجة الصالح وأم ولده خليل المتوفى في حياته وبه كانت تلقب وخطب لها على المنابر وضربت السكة باسمها ووضعت علامتها على المراسم وكان نص علامتها أمّ خليل وقدّم أتابك على العساكر عز الدين الجاشنكير أيبك التركماني فلما استقرت الدولة طلبهم الفرنسيس في الفداء على تسليم دمياط للمسلمين فاستولوا عليها سنة ثمان وأربعين وركب الفرنسيس البحر إلى عكا وعظم