للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأراد أصحابه ولاية محمد بن حرداد [١] بشهرزور فامتنع، وبايعوا أيوب بن حيّان المعروف بالغلام فقتل، فبايعوا هارون بن عبد الله البجلي وكثر أتباعه واستولى على بلد الموصل، وخرج عليه من أصحابه محمد بن حرداد، وكان كثير العبادة والزهد يجلس على الأرض ويلبس الصوف الغليظ ويركب البقر لئلا يفرّ في الحرب، فنزل واسط وجاء وجوه أهل الموصل، فسار إليهم وهارون غائب في الأحشاد، فبادر إليه واقتتلا، وانهزم هارون وقتل من أصحابه نحو مائتين، وقصد بني ثعلب [٢] مستنجدا بهم فأنجدوه وسار معه حمدان بن حمدون ودخل معه الموصل، ودخل ابن حرداد، واستمال هارون أصحابه، ورجع إلى الحديثة، ولم يبق مع ابن حرداد إلا قليل من الأكراد فمالوا إلى هارون بالموصل، فخرج وأوقع بابن حرداد فقتله وأوقع بالأكراد الجلاليّة وكثر أتباعه، وغلب على القرى والرساتيق، وجعل على دجلة من يأخذ الزكاة من الأموال المصعّدة والمنحدرة، ووضع في الرساتيق من يقبض اعتبار الغلّات، واستقام أمره. ثم جاء بنو ساسان لقتاله سنة ست وسبعين واستنجد بحمدان بن حمدون فجاءه بنفسه، وسار إلى نهر الخازن وانهزمت طليعتهم، وانهزموا بانهزامها، وجاء بنو شيبان إلى فسا فانجفل أهلها وأقام هارون وأصحابه بالحديثة.

[أخبار رافع بن هرثمة من بعد الخجستاني]

لما قتل أحمد الخجستاني سنة ثمان وستين كما قدّمناه اجتمع أصحابه على رافع بن هرثمة من قوّاد محمد بن طاهر، وكان رافع هذا لما استولى يعقوب الصفّار على نيسابور، وزال بنو طاهر، صار رافع في جملته، وصحبه إلى سجستان. ثم أقصاه عن خدمته وعاد إلى منزله بنواحي جيّ حتى استخدمه الخجستانيّ وجعله صاحب جيشه. فلما قتل الخجستانيّ اجتمع الجيش عليه بهراة وأمّروه وسار إلى نيسابور فحاصر بها أبا طلحة بن شركب وقد كان وصل إليها من جرجان، فضيّق عليه المخنق ففارقها أبو طلحة إلى مرو، وولّى على هراة ابن المهدي وخطب لمحمد بن طاهر بمرو وهراة وزحف إليه عمرو بن الليث فهزمه وغلبه على ما بيده. واستخلف على


[١] محمد بن خرزاد: ابن الأثير ج ٧ ص ٣٠٩.
[٢] هم بنو تغلب وقد لاحظنا ان ابن خلدون يكنيهم بالثعالبة بدل التغالبة أو ان ذلك عائد لتحريف الناسخ!

<<  <  ج: ص:  >  >>