للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(انتقاض أهل حران)]

كان سيف الدولة قد ولى هبة الله ابن أخيه ناصر الدولة [١] غيرها من ديار مضر، فساء أثره فيهم وطرح الأمتعة على التجار وبالغ في الظلم فانتظروا به غيبته عند عمه سيف الدولة وثاروا بعماله ونوابه فطردوهم، فسار هبة الله إليهم وحاصرهم شهرين وأفحش في القتل فيهم. ثم سار سيف الدولة فراجعوا الطاعة وأدخلوا هبة الله وأفحش في القتل واستقاموا.

[(انتقاض هبة الله)]

وفي هذه السنة بعث سيف الدولة الصوائف إلى بلاد الروم، فدخل أهل طرسوس من درب ومولاه نجا من درب، وأقام هو ببعض الدروب لأنه كان أصابه الفالج قبل ذلك بسنتين، فكان يعالج منه شدّة إذا عاوده وجعه، وتوغّل أهل طرسوس في غزوتهم وبلغوا قونية، وعادوا فعاد سيف الدولة إلى حلب واشتدّ وجعه، فأرجف الناس بموته فوثب عبد الله ابن أخيه، وقتل ابن نجا النصراني من غلمان سيف الدولة ولما تيقن حياة عمه رحل إلى حران وامتنع بها، وبعث سيف الدولة غلامه فجاء إلى حران في طلبه، فلحق هبة الله بأبيه بالموصل ونزل نجا على حران آخر شوال من سنة اثنتين وخمسين، وصادر أهلها على ألف ألف درهم وأخذها منهم في خمسة أيام بالضرب والنكال، وباعوا فيها ذخائرهم حتى أملقوا، وصاروا إلى ميافارقين ونزلها شاغرة فتسلط العيارون على أهلها.

[(انتقاض نجا بميافارقين وأرمينية واستيلاء سيف الدولة عليها)]

ولما فعل نجا بأهل حران ما فعل، واستولى على أموالهم فقوي بها وبطر، وسار إلى


[١] يذكر ابن الأثير في حوادث سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة: «وفي هذه السنة في صفر امتنع أهل حرّان على صاحبها هبة الله بن ناصر الدولة بن حمدان وعصوا عليه. وسبب ذلك انه كان متقلدا لها ولغيرها من ديار مضر من قبل عمه سيف الدولة، فعسفهم نوّابه وظلموهم، وطرحوا الأمتعة على التجار من أهل حران، وبالغوا في ظلمهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>