لما هلك المستنصر في الأضحى من سنة عشرين وستمائة اجتمع ابن جامع والموحّدون وبايعوا للسيد أبي محمد عبد الواحد أخي المنصور، فقام بالأمر وأمر بمطالبة ابن أشرفي بالمال. وكتب أخوه لأبي العلا بتجديد الولاية على إفريقية بعد أن كان المستنصر أو عز بعزله، فأدركته الولاية ميتا فاستبدّ بها ابنه أبو زيد المشمّر كما نذكره في أخبار إفريقية. وأنفذ المخلوع أمره بإطلاق ابن يوجان فأطلق. ثم صدّه ابن جامع عن ذلك وأنفذ أخاه أبا إسحاق في الأسطول ليغرّبه إلى ميورقة كما كان المستنصر أنفذه قبل وفاته. وكان الوالي بمرسية أبو محمد عبد الله بن المنصور وأغراه ابن يوجان بالتوثّب على الأمر، وشهد له أنه سمع من المنصور العهد له بالخلافة من بعد الناصر. وكان الناس على كره ابن جامع. وولاة الأندلس كلّهم بنو منصور فأصغى إليه، وكان متردّدا في بيعة عمّه، فدعا لنفسه وتسمّى بالعادل. وكان إخوته أبو العلى صاحب قرطبة، وأبو الحسن صاحب غرناطة، وأبو موسى صاحب مالقة، فبايعوه سرّا.
وكان أبو محمد بن أبي حفص بن عبد المؤمن المعروف بالبياسي صاحب جيان وعزله المخلوع بعمّه أبي الربيع بن أبي حفص فانتقض وبايع للعادل وزحف مع أبي العلى صاحب قرطبة وهو أخو العادل إلى إشبيليّة، وبها عبد العزيز أخو المنصور والمخلوع فدخل في دعوتهم وامتنع السيد أبو زيد بن عبد الله أخي البياسي عن بيعة العادل، وتمسّك بطاعة المخلوع. وخرج العادل من مرسية إلى إشبيليّة فدخلها مع أبي زيد بن يوجان، وبلغ الخبر إلى مراكش فاختلف الموحّدون على المخلوع.
وبادروا بعزل ابن جامع وتغريبه إلى هسكورة. وقام بأمر هنتاتة أبو زكريا يحيى بن أبي يحيى السيد ابن أبي حفص، وبأمر تين ملّل يوسف بن علي، وبعث على اسطول البحر أبا إسحاق بن جامع، وأنفذه لمنع الجواز من الزقاق. وكان أسرّ إلى ابن جامع حين خرج إلى هسكورة أن يحاول عليه من هنالك فلم يتم أمره، وقتل بمكان خفي في ربيع سنة إحدى وعشرين وستمائة وبعث الموحّدون ببيعتهم إلى العادل، والله أعلم