للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(اضطراب الثغور ووصول أحمد بن طولون اليها ووفاته)]

كان عامل أحمد بن طولون على الثغور طلخشى بن بلذدان، واسمه خلف، وكان نازلا بطرسوس. وكان مازيار [١] الخادم مولى فتح بن خاقان معه بطرسوس وارتاب به طلخشى فحبسه فوثب جماعة من أهل طرسوس، واستقدموا مازيار من يده وولّوه. وهرب خلف وتركوا الدعاء لابن طولون فسار ابن طولون من مصر وانتهى إلى أذنة، وكاتب مازيار واستماله فامتنع، واعتصم بطرسوس فرجع ابن طولون إلى حمص ثم إلى دمشق فأقام بها. ثم رجع وحاصره في فصل الشتاء بعد أن بعث إليه يدعوه [٢] وانساح على معسكر أحمد وخيمه، وكادوا يهلكون، فتأخّر ابن طولون إلى أذنة، وخرج أهل طرسوس فنهبوا العسكر. وطال مقام أحمد بأذنة في طلب البرد [٣] ثم سار إلى المصيصة فأقام بها ومرض هناك. ثم تماسك إلى أنطاكية فاشتدّ وجعه ونهاه الطبيب عن كثرة الغذاء فتناوله سرّا، فكثر عليه الاختلاف، لأنّ أصل علّته هيضة من لبن الجواميس. وثقل عليه الركوب فحملوه على العجلة فبلغ الفرمار، وركب من ساحل الفسطاط إلى داره، وحضره طبيبه فسهّل عليه الأمر وأشار بالحمية فلم يداوم عليها. وكثر الإسهال وحميت كبده من سوء الفكر فساءت أفعاله. وضرب بكار بن قتيبة القاضي، وأقامه للناس في الميدان، وخرق سواده وأوقع بابن هرثمة وأخذ ماله وحبسه. وقتل سعيد بن نوفل مضروبا بالسياط. ثم جمع أولياءه وغلمانه وعهد إلى ابنه أبي الجيش خمارويه. وأوصاهم بإنظاره وحسن النظر فسكنوا إلى ذلك لخوفهم من ابنه العبّاس المعتقل. ثم مات سنة ست وسبعين ومائتين لست وعشرين سنة من إمارته، وكان حازما سائسا وبنى جامعه بمصر وأنفق فيه مائة وعشرين ألف دينار، وبنى قلعة يافا، وكان يميل إلى مذهب الشافعيّ رضي الله تعالى عنه. وخلّف من المال عشرة آلاف ألف دينار، ومن الموالي سبعة آلاف.


[١] بازمار: ابن الأثير ج ٧ ص ٤٠٦.
[٢] بياض بالأصل في الكامل ج ٧ ص ٤٠٩: وراسله يستميله، فلم يلتفت الى رسالته.
[٣] المعنى غير واضح وفي الكامل ج ٧ ص ٤٠٩: وكان الزمان شتاء ومقتضى السياق: وطال مقام احمد بأذنة بسبب البرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>