للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبذل له الوزير المال وشرط له التجافي عن وطنه على أن يرجع عن طاعة أبي زيّان ففعل، وانصرف إلى بجاية ونزل بها على المولى أبي إسحاق ابن مولانا السلطان أبي يحيى أكرم نزل، ثم وقعت المراسلة بينه وبين السلطان أبي حمو وتمت المهادنة وانعقد السلم على إقصاء أبي زيان عن بجاية المتاخمة لوطنه، فارتحل إلى حضرة تونس. وتلقّاه الحاجب أبو محمد بن تافراكين، قيوم دولة الحفصيّين لذلك العهد من المبرّة والترحيب وإسناء الجراية له، وترفيع المنزلة بما لم يعهد لمثله من الأعياص.

ثم لم تزل حاله على ذلك إلى أن كان من أمره ما نذكره ان شاء الله تعالى.

الخبر عن قدوم أبي زيّان حافد السلطان أبي تاشفين ثانية من المغرب الى تلمسان لطلب ملكها وما كان من أحواله

كان العرب من سويد إحدى بطون زغبة فيئة لبني مرين وشيعة من عهد عريف بن يحيى مع السلطان أبي الحسن وابنه أبي عنّان، فكانوا عند بني عبد الواد في عداد عدوّهم من بني مرين مع طاغية [١] الدولة لبني عامر أقتالهم، فكانوا منابذين لبني عبد الواد آخر الأيام، وكان كبيرهم ونزمار بن عريف أوطن كرسف في جوار بني مرين، مذ مهلك السلطان أبي عنّان، وكان مرموقا بعين التجلّة يرجعون إلى رأيه ويستمعون إلى قوله. وأهمه شأن إخوانه في موطنهم ومع أقتالهم بني عامر، فاعتزم على نقض الدولة من قواعدها، وحمل صاحب المغرب عمر بن عبد الله على أن يسرّح محمد بن عثمان حافد أبي تاشفين لمعاودة الطلب لملكه، ووافق ذلك نفرة استحكمت بين السلطان أبي حمو وأحمد بن رحّو بن غانم كبير أولاد حسن من المعقل بعد أن كانوا فيئة له ولوزيره عبد الله بن مسلم، فاغتنمها عمر بن عبد الله وخرج أبو زيّان محمد بن عثمان سنة خمس وستين وسبعمائة فنزل في حلل المعقل بملوية. ثم نهضوا به إلى وطن تلمسان وارتاب السلطان أبو حمو بخالد بن عمر أمير بني عامر فتقبّض عليه وأودعه المطبق [٢] ، ثم سرّح وزيره عبد الله بن مسلم في عساكر بني عبد الواد


[١] وفي نسخة ثانية: صاغية.
[٢] سجن تحت الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>