الواثق توّجه أشناس ووشحه وكان للواثق سمر يجلسون عنده ويفيضون في الأخبار حتى أخبروه عن شأن البرامكة واستبدادهم على الرشيد واحتجابهم الأموال فأغراه ذلك بمصادرة الكتاب فحبسهم وألزمهم الأموال. فأخذ من أحمد بن إسرائيل ثمانين ألف دينار بعد أن ضربه، ومن سليمان بن وهب كاتب إتياخ أربعمائة ألف، ومن الحسن بن وهب أربعة عشر ألفا، ومن إبراهيم بن رباح وكاتبه مائة ألف، ومن أبي الوزر مائة وأربعين ألفا وكان على اليمن إتياخ وولّاه عليها المعتصم بعد ما عزل جعفر بن دينار، وسخطه وحبسه ثم رضي عنه وأطلقه، فلما ولي الواثق ولّى إتياخ على اليمن من قبله سار بأميان، فسار إليها وكان الحرس إسحاق بن يحيى بن معاذ ولّاه المعتصم بعد عزل الأفشين، وولّى الواثق على المدينة سنة إحدى وعشرين محمد بن صالح بن العبّاس وبقي محمد بن داود على مكة، وتوفي عبد الله بن طاهر سنة ثلاثين وكان على خراسان وكرمان وطبرستان والري وكان له الحرب والشرطة والسواد فولّى الواثق على أعماله كلها ابنه طاهرا.
[وقعة بغا في الاعراب]
كان بنو سليم يفسدون بنواحي المدينة ويتسلّطون على الناس في أموالهم وأوقعوا بناس من كنانة وباهلة، وبعث محمد بن صالح إليهم مسلحة المدينة ومعهم متطوّعة من قريش والأنصار فهزمهم بنو سليم وقتلوا عامتهم وأحرقوا لباسهم وسلاحهم وكراعهم ونهبوا القرى ما بين مكّة والمدينة وانقطع الطريق، فبعث الواثق بغا الكبير، وقدم المدينة في شعبان فقاتلهم وهزمهم وقتل منهم خمسين رجلا وأسر مثلها، واستأمنوا له على حكم الواثق، فقبض على ألف منهم ممن يعرف بالفساد فحبسهم بالمدينة وذلك سنة ثلاثين. ثم حجّ وسار إلى ذات عرق وعرض على بني هلال مثل بني سليم فأخذ من المفسدين منهم نحو ثلاثمائة رجل وحبسهم بالمدينة وأطلق الباقين. ثم خرج بغا إلى بني مرّة فنقب أولئك الأسرى الحبس وقتلوا الموكّلين، فاجتمع عليهم أهل المدينة ليلا ومنعوهم من الخروج فقاتلوهم إلى الصبح ثم قتلوهم، وشق ذلك على بغا وكان سبب غيبته أنّ فزارة وبني مرّة تغلبوا على فدك، فخرج إليهم وقدّم رجلا من قوّاده يعرض عليهم الأمان، فهربوا من سطوته إلى الشام واتّبعهم إلى تخوم الحجاز من الشام، وأقام أربعين ليلة ثم رجع إلى المدينة بمن ظفر منهم. وجاءه قوم من بطون غفار وفزارة وأشجع وثعلبة فاستحلفهم على الطاعة ثم سار إلى بني كلاب فأتوه في