نجم الدين فقام بالأمر وأخذ في إصلاح الأحوال وهو يعدّ نفسه وعمّه من قبله نائبا عن نور الدين محمود بن زنكي الّذي بعثه وعمّه للقيام بذلك. ولما ثبت قدمه بمصر وأزال المخالفين ضعف أمر العاضد وتحكّم صلاح الدين في أموره وأقام خادمه قراقوش للولاية عليه في قصره والتحكّم عليه، فبعث إليه نور الدين محمود الملك العادل بالشام أن يقطع الخطبة للعاضد ويخطب للمستضيء ففعل ذلك على توقّع النكير من أهل مصر. فلما وقع ذلك ظهر منه الاغتباط وانمحت آثار الدولة العلويّة، وتمكنت الدولة العبّاسية فكان ذلك مبدأ الدولة لبني أيوب بمصر ثم ملكوا من بعدها أعمال نور الدين بالشام واستضافوا اليمن وطرابلس الغرب واتسع ملكهم كما يذكر في أخبارهم. ولما خطب للمستضيء بمصر كتب له نور الدين محمود من دمشق مبشرا بذلك فضربت البشائر ببغداد، وبعث بالخلع إلى نور الدين وصلاح الدين مع عماد الدين صندل من خوّاص المقتفوية، وهو أستاذ دار المستضيء فجاء إلى نور الدين بدمشق، وبعث الخلع إلى صلاح الدين وللخطباء بمصر وبإسلام السواد.
واستقرّت الدعوة العبّاسية بمصر إلى هذا العهد والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. ثم بعث نور الدين محمود إلى المستضيء رسوله القاضي كمال الدين أبا الفضل محمد بن عبد الله الشهرزوري قاضي بلاده يطلب التقليد لما بيده من الأعمال، وهي مصر والشام والجزيرة والموصل، وبما هو في طاعته كديار بكر وخلاط وبلاد الروم التي لقليج أرسلان وأن يقطع صريعين ودرب هارون من بلاد سواد العراق كما كانتا لأبيه، فأكرمه الرسول وزاد في الإحسان إليه وكتب له بذلك.
[خبر يزدن من أمراء المستضيء]
كان يزدن قد ولّاه المستضيء الحلّة فكانت في أعماله، وكانت حمايتها لخفاجة وبني حزن منهم فجعلها يزدن لبني كعب منهم، وأمرهم الغضبان فغضب بنو حزن وأغاروا عليهم على السواد، وخرج يزدن في العسكر لقتالهم، ومعه الغضبان وعشيرة بنو كعب فبينما هم ليلة يسيرون رمي الغضبان بسهم فمات، فعادت العساكر إلى بغداد، وأعيدت حفاظة السواد إلى بني حزن. ثم مات يزدن سنة ثمان وستين، وكانت واسط من أقطاعه فاقتطعت لأخيه أيتامش ولقّب علاء الدين.