وكانت بينه وبين مجاهد حروب، وملك بعده ابنه أحمد عقد الدولة، وهلك سنة أربعين. وملك أخوه عبد الله جناح الدولة إلى أن خلعه المرابطون سنة خمس وثمانين.
ولنرجع إلى ذكر بقية الملوك الأكابر من الطوائف والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
[(أخبار ابن جهور)]
كان رئيس الجماعة أيام الفتنة بقرطبة أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور بن عبد الله ابن محمد بن المعمر بن يحيى بن أبي المغافر بن أبي عبيدة الكلبيّ، هكذا نسبه ابن بشكوال وأبو عبيدة هو الداخل إلى الأندلس، وكانت لهم وزارة الدولة العامرية بقرطبة واستبد جهور هذا سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، لما خلع الجند المعتز آخر خلفاء بني أمية، ولم يدخل في أمور الفتنة، فاستولى على المملكة ورتب الأمور، ولم يتحول عن داره إلى قصر الخلافة. وكان على سنن أهل الفضل يعود المرضى، ويشهد الجنائز ويؤذن عند مسجدهم بالربض الشرقي، ويصلي التراويح ولا يحتجب عن الناس فأسندوا أمرهم إليه إلى أن يوجد خليفة إلى أن خاطبهم محمد بن إسماعيل ابن عباد يعرّفهم أن هشاما المؤيد عنده بإشبيليّة، وأكثر في ذلك فخطب له بقرطبة بعد مراوضات [١] ، ثم أتي به إلى قرطبة فمنعوه الدخول وأضربوا عن ذكره في الخطبة وانفرد ابن جهور بأمرهم إلى أن هلك في محرم سنة خمس وثلاثين واربعمائة ودفن بداره وولي ابنه أبو الوليد محمد بن جهور باتفاق من الكافة فجرى على سنن أبيه.
وكان قد قرأ على مكي بن أبي طالب المكيّ وغيره فكان مكرما لأهله. واستوزر ثقته إبراهيم بن يحيى فكفاه، وهلك كما هو معروف، ففوّض التدبير إلى ابنه عبد الملك فأساء السيرة، وتكرّه إلى الناس وحاصره ابن ذي النون بقرطبة، فاستغاث بمحمد ابن عباد فأمده بالجيش، ووصى عسكره بذلك فداخلوا أهل قرطبة وخلعوه سنة إحدى وستين وأخرجوه عن قرطبة. واعتقل بشلطليش إلى أن هلك سنة اثنتين وسبعين. وولى ابن عباد على قرطبة ابنه سراج الدولة، وقدمها من بلنسية ودخلها إلى
[١] المراوضات: هو ما يجري بين المتبايعين من الزيادة والنقصان، كأن كل واحد منهما يروض صاحبه، من رياضة الدابة. (لسان العرب) .