الخبر عن ملوك بني إسرائيل بعد الحكام ثم افتراق أمرهم والخبر عن دولة بني سليمان بن داود على السبطين يهوذا وبنيامين بالقدس الى انقراضها
لما نقم بنو إسرائيل على يؤال وأبيا ابني شمويل ما نقموا من أمورهم، واجتمعوا إلى شمويل، وسألوه من الله أن يبعث لهم ملكا يقاتلون معه أعداءهم ويجمع نشرهم ويدفع الذل عنهم، فجاء الوحي بأن يولي الله طالوت ويدهنه بدهن القدس، فأبوا بعد أن أمر شمويل بأن يستهموا عليه، فاستهموا على بني آبائهم، فخرج السهم على طالوت وكان أعظمهم جسما فولوه، واسمه عند بني إسرائيل شاول بن قيس بن أفيل، بالفاء الهوائية القريبة من الباء، ابن صاروا بن نحورت بن أفياح، فقام بملكهم، واستوزر أفنين ابن عمه نير بن أفيل. وكان لطالوت من الولد يهوناتان وملكيشوع وتشبهات وأنبياداف. وقام طالوت بملك بني إسرائيل، وحارب أعداءهم من بني فلسطين وعمون ومؤاب والعمالقة ومدين فغلب جميعهم، ونصر بنو إسرائيل نصرا لا كفاء له. وأوّل من زحف إليهم ملك بني عمّون ونازل قرية بلقاء فهجم عليهم طالوت، وهو في ثلاثمائة ألف من بني إسرائيل فهزمهم واستلحمهم، ثم أغزى ابنه في عساكر بني إسرائيل الى فلسطين فنال منهم، واجتمعوا لحرب بني إسرائيل فزحف إليهم طالوت وشمويل فانهزموا واستلحمهم بنو إسرائيل، وأمر شمويل أن يسير إلى العمالقة وأن يقتلهم ودوابهم ففعل، واستبقى ملكهم أعّاع مع بعض الأنام، فجاء الوحي الى شمويل بأنّ الله قد سخطه وسلبه الملك فخبره بذلك، وهجره شمويل فلم يره بعد.
وأمر شمويل أن يقدس داود، وبعث له بعلامته فسار إلى بني يهوذا في بيت لحم، وجاء به أبوه أيشا فمسحه شمويل، وسلب طالوت روح الجسد، وحزن لذلك ثم قبض شمويل وزحف جالوت وبنو فلسطين الى بني إسرائيل فبرز إليهم طالوت في العساكر وفيهم داود بن إيشا من سبط يهوذا، وكان صغيرا يرعى الغنم لأبيه، وكان يقذف بالحجارة في مخلاته فلا تكاد تخطىء. قال الطبريّ: وكان شمويل قد أخبر طالوت بقتل جالوت، وأعطاه علامة قاتلة، فاعترض بني إسرائيل حتى رأى