وخمسين وسبعمائة والسلطان أثناء ذلك على فراشه يجود بنفسه. وارتقب الناس دفنه يوم الأربعاء والخميس بعده، فلم يدفن فارتابوا، وفشا الكلام وارتاب الجماعة، فأدخل الوزير زعموا إليه بمكانه من بيته من غطه حتى أتلفه. ودفن يوم السبت، وحجب الحسن بن عمر الولد المنصوب للأمر، وأغلق عليه بابه، وتفرّد بالأمر والنهي دونه. ولحق عبد الرحمن ابن السلطان أبي عنان بجبل الكاي يوم بيعة أخيه، وكان أسنّ منه وإنما آثروه لمكان ابن عمّه مسعود بن ماسي من وزارته، فبعثوا إليه من لاطفه واستنزله على الأمان، وجاء به إلى أخيه فاعتقله الحسن بالقصبة من فاس.
وبعث على أبناء السلطان الأصاغر الأمراء بالثغور، فجاء المعتصم من سجلماسة، وامتنع المعتمد بمراكش، وكان بها في كفالة عامر بن محمد الهنتاتي استوصاه به السلطان وجعله هنالك لنظره، فمنعه من الوصول، وخرج به من مراكش إلى معقلة من جبل هنتاتة، وجهّز الوزير العساكر لمحاربته، ولم يزل هنالك إلى أن استنزله عمّه السلطان أبو سالم عند استيلائه على ملك المغرب، كما نذكره إن شاء الله تعالى والله أعلم.
الخبر عن تجهيز العساكر الى مراكش ونهوض الوزير سليمان بن داود لمحاربة عامر بن محمد
كان عامر بن محمد بن علي شيخ هنتاتة من قبائل المصامدة. وكان السلطان يعقوب قد استعمل أباه محمد بن علي على جبايتهم، والسلطان أبو سعيد استعمل عمّه موسى بن علي وربّي عامر هذا في كفالة الدولة، وسار في جملة السلطان إلى إفريقية، وولّاه السلطان أحكام الشرطة بتونس. ولمّا ركب البحر إلى المغرب أركب حرمه وحظاياه في السفن، وجعلهم إلى نظر عامر بن محمد. وأجازوا البحر إلى الأندلس فنزلوا المريّة وبلغهم غرق السلطان أبي الحسن وعسكره، فأقام بهم بمكانه من المريّة، ودعي للسلطان أبي عنان، فلم يجب داعية وفاء ببيعة أبيه، حتى إذا هلك السلطان أبو الحسن بدارهم بالجبل، ورعى لهم السلطان أبو عنان إجارتهم لأبيه، حين لفظته البلاد وتحاماه الناس، أجمع أمره على الوفادة عليه، فوفد بمن معه من الحرم. وأكرم السلطان أبو عنان وفادته وأحسن نزله، ثم عقد له على جباية المصامدة سنة أربع وخمسين وسبعمائة وبعثه لها من تلمسان، فاضطلع بهذه الولاية وأحسن