للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجّع أبا فارس بن أبي حفص وولّاه بدعوة الأمير أبي زكريا فسخطهم الطاغية لذلك وانتقض عليهم وملك قرمونة ومرشانة. ثم زحف إلى حصرهم وسألوه الصلح فامتنع. وصار أمر البلد شورى بين القائد شفاف وابن شعيب ويحيى بن خلدون ومسعود بن خيار وأبي بكر بن شريح، ويرجعون في أمرهم آخرا إلى الشيخ أبي فارس بن أبي حفص.

وأقاموا في هذا الحصار سنتين ونازلهم ابن الأحمر في جملة الطاغية، وبعث إليهم الأمير أبو زكريّا المدد، وجهّز له الأسطول لنظر أبي الربيع بن الغريغر التينمللي.

وأوعز له إلى سبتة بتجهيز أسطولهم معه فوصل إلى وادي إشبيليّة، وغلبهم أسطول الطاغية على مرسية فرجع. واستولى العدو عليها صلحا سنة ست وأربعين وستمائة بعد أن أعانهم ابن الأحمر بمدده وميرته. وقدم الطاغية على أهل الدخن بها عبد الحق بن أبي محمد البياسي من آل عبد المؤمن، والأمر للَّه.

[(الخبر عن بيعة أهل سبتة وطنجة وقصر ابن عبد الكريم وتصاريف أحوالهم ومال أمرهم)]

كان أهل سبتة بعد إقلاع المأمون عنهم، ونزول أخيه موسى عنها لابن هود قد انتقضوا وأخرجوا عنهم القشتيني والي ابن هود، وقدّموا عليهم أحمد الينشتي وتسمّى بالموفق.

ثم رجعوا إلى طاعة الرشيد عند ما بايعه أهل إشبيليّة سنة خمس وثلاثين وستمائة.

وتقبّضوا على الينشتي وابنه وأدخلوا السيد أبا العباس ابن السيّد أبي سعيد، كان واليا بغمرة فولّوه عليهم. ثم عقد الرشيد على ديوان سبتة لأبي عليّ بن خلاص، كان من أهل بلنسية واتصل بخدمة الرشيد فجلّى فيها. ودفعه إلى الأعمال فضبطها، فولّاه سبتة فاستقل بها. وولّى على طنجة يوسف ابن الأمير قائدا على الرحل الأندلسي وضابطا لقصبتها. حتى إذا هلك الرشيد سنة أربعين وستمائة، وقد استفحل أمر الأمير أبي زكريا بإفريقية، واستولى على تلمسان وبايعه الكثير من أمصار الأندلس، فصرف ابن خلاص وجهه إليه.

وكان قد اقتنى الأموال واصطنع الرجال، فدخل في دعوته، وبعث الوفد ببيعته.

واقتدى به في ذلك أهل قصر ابن عبد الكريم فبعثوا بيعتهم للأمير أبي زكريا. وعقد

<<  <  ج: ص:  >  >>