تلك الليالي بولده وأهله وخاصته، وأصبح مخيّما بالصفصف [١] وانفض أهل البلد إليه بعضهم بعياله وولده مستمسكين به، متفادين من معرّة هجوم العساكر فلم يرعه ذلك عن قصده، وارتحل ذاهبا إلى البطحاء. ثم قصد بلاد مغراوة فنزل في بني بو سعيد قريبا من شلف، وأنزل أولاده الأصاغر وأهله بحصن تاحجمومت. وجاء السلطان إلى تلمسان فملكها واستقرّ فيها أياما. ثم هدم أسوارها وقصور الملك بها، بإغراء وليّه ونزمار جزاء بما فعله أبو حمّو في تخريب قصر تازروت وحصن مرادة. ثم خرج من تلمسان في اتباع أبي حمّو، ونزل على مرحلة منها. وبلغه الخبر هنالك بإجازة السلطان موسى ابن عمّه أبي عنّان من الأندلس إلى المغرب وأنه خالفه إلى دار الملك، فانكفأ راجعا وأغذّ السير إلى المغرب كما نذكر. ورجع أبو حمّو إلى تلمسان واستقرّ في ملكه بها، كما ذكرناه في أخباره.
اجازة السلطان موسى ابن السلطان أبي عنان من الأندلس الى المغرب واستيلاؤه على الملك وظفره بابن عمه السلطان أبي العباس وإزعاجه الى الأندلس)
قد تقدم أنّ السلطان محمد بن الأحمر المخلوع، كان له تحكّم في دولة السلطان أبي العبّاس بن أبي سالم صاحب المغرب بما كان من إشارته على محمد بن عثمان ببيعته وهو معتقل بطنجة، ثم بما أمدّه من مدد العساكر والأموال، حتى أمره واستولى على البلد الجديد كما قدّمناه في أوّل خبره. ثم بما كان له من الزبون عليهم بالقرابة المرشّحين الذين كانوا معتقلين بطنجة مع السلطان أبي العبّاس من أسباط السلطان أبي الحسن من ولد أبي عنان وأبي سالم والفضل وأبي عامر وأبي عبد الرحمن وغيرهم. وكانوا متعاهدين في معتقلهم أنّ من أتاح الله له الملك منهم يخرجهم من الاعتقال ويجيزهم إلى الأندلس. فلما بويع السلطان أبو العبّاس وفّى لهم بهذا العهد وأجازهم إلى الأندلس، فنزلوا على السلطان ابن الأحمر أكرم نزل، أنزلهم بقصور ملكه بالحمراء وقرّب لهم المراكب، وأفاض عليهم العطاء ووسّع لهم الجرايات والأرزاق. وأقاموا