[(الخبر عن دولة بني حمدان المستبدين بالدعوة العباسية من العرب بالموصل والجزيرة والشام ومبادئ أمورهم وتصاريف أحوالهم)]
كان بنو ثعلب بن وائل من أعظم بطون ربيعة بن نزار، ولهم محل في الكثرة والعدد، وكانت مواطنهم بالجزيرة في ديار ربيعة، وكانوا على دين النصرانية في الجاهلية، وصاغيتهم مع قيصر. وحاربوا المسلمين مع غسّان وهرقل أيام الفتوحات في نصارى العرب يومئذ من غسّان وإياد وقضاعة وزابلة وسائر نصارى العرب. ثم ارتحلوا مع هرقل إلى بلاد الروم، ثم رجعوا إلى بلادهم. وفرض عليهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه الجزية. فقالوا يا أمير المؤمنين لا تذلنا بين العرب باسم الجزية، واجعلها صدقة مضاعفة ففعل. وكان قائدهم يومئذ حنظلة بن قيس بن هرير من بني مالك ابن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن ثعلب وكان من رهطه عمرو بن بسطام صاحب السند أيام بني أمية. ثم كان منهم بعد ذلك في الإسلام ثلاثة بيوت: آل عمر بن الخطّاب العدويّ، وآل هارون المغمر، وآل حمدان ابن حمدون بن الحرث ابن لقمان بن أسد. ولم يذكر ابن حزم هؤلاء البيوت الثلاثة في بطون بني ثعلب في كتاب الجمهرة. ووقفت على حشية في هذا الموضع من كتابه فيها ذكر هؤلاء الثلاثة كالاستلحاق عليه، وقال في بني حمدان: وقيل إنهم موالي بني أسد. ثم قال آخر الحاشية إنه من خط المصنّف يعني ابن حزم. ولما فشا دين الخارجيّة بالجزيرة أيام مروان بن الحكم وفرّق جموعه ومحا آثار تلك الدعوة. ثم ظهر في الجزيرة بعد حين أثر من تلك الدعوة، وخرج مساور بن عبد الله بن مساور البجليّ من السرات أيام الفتنة بعد مقتل المتوكّل واستولى على أكثر أعمال الموصل، وجعل دار هجرته الحديثة. وكان على الموصل يومئذ عقبة بن محمد بن جعفر بن محمد بن الأشعث الخزاعي الّذي ولّى المنصور جدّه محمدا على إفريقية، وعليه خرج مساور. ثم ولي على الموصل أيوب بن أحمد بن عمر بن الخطاب الثعلبي سنة أربع وخمسين، واستخلف عليه ابنه الحسن فسار إلى مساور في جموع قومه، وفيهم حمدون بن الحرث فهزموا الخوارج وفرّقوا جمعهم. ثم ولي أيام المهتدي عبد الله بن سليمان بن عمران الأزديّ فغلبه