شيئا إنّما هو صاحب أقوال ينصّها علينا في كيفيّات العمل وهؤلاء أكثر فقهاء عصرنا «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ ٣٨: ٢٤» .
[العدالة:]
وهي وظيفة دينيّة تابعة للقضاء ومن موادّ تصريفه وحقيقة هذه الوظيفة القيام عن إذن القاضي بالشّهادة بين النّاس فيما لهم وعليهم تحمّلا عند الإشهاد وأداء عند التّنازع وكتبا في السّجلّات تحفظ به حقوق النّاس وأملاكهم وديونهم وسائر معاملاتهم وشرط هذه الوظيفة الاتّصاف بالعدالة الشّرعيّة والبراءة من الجرح ثمّ القيام بكتب السّجلّات والعقود من جهة عباراتها وانتظام فصولها ومن جهة إحكام شروطها الشّرعيّة وعقودها فيحتاج حينئذ إلى ما يتعلّق بذلك من الفقه ولأجل هذه الشّروط وما يحتاج إليه من المران [١] على ذلك والممارسة له اختصّ ذلك ببعض العدول وصار الصّنف القائمون به كأنّهم مختصّون بالعدالة وليس كذلك وإنّما العدالة من شروط اختصاصهم بالوظيفة ويجب على القاضي تصفّح أحوالهم والكشف عن سيرهم رعاية لشرط العدالة فيهم وأن لا يهمل ذلك لما يتعيّن عليه من حفظ حقوق النّاس فالعهدة عليه في ذلك كلّه وهو ضامن دركه وإذا تعيّن هؤلاء لهذه الوظيفة عمّت الفائدة في تعيين من تخفى عدالته على القضاة بسبب اتّساع الأمصار واشتباه الأحوال واضطرار القضاة إلى الفصل بين المتنازعين بالبيّنات الموثوقة فيعوّلون غالبا في الوثوق بها على هذا الصّنف ولهم في سائر الأمصار دكاكين ومصاطب يختصّون بالجلوس عليها فيتعاهدهم أصحاب المعاملات للإشهاد وتقييده بالكتاب وصار مدلول هذه اللّفظة مشتركا بين هذه الوظيفة الّتي تبيّن مدلولها وبين العدالة الشّرعيّة الّتي هي أخت الجرح وقد يتواردان ويفترقان والله تعالى أعلم.
[الحسبة والسكة]
إمّا الحسبة فهي وظيفة دينيّة من باب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر
[١] المران بكسر الميم التمرن والاعتياد على الشيء ١ هـ-.