كان أبو بكر محمد بن المظفّر بن محتاج صاحب خراسان من ولاة السعيد عليها سنة احدى وعشرين وثلاثمائة فلمّا كانت سنة سبع وعشرين وثلاثمائة اعتلّ أبو بكر وطال به مرضه، وقصد السعيد راحته فاستقدم ابنه أبا علي من الصغانيان، وبعثه أميرا على خراسان واستدعى أباه أبا بكر فلقي ابنه أبا عليّ على ثلاث مراحل من نيسابور فوصّاه وحمّله حملا من سياسته. وسار إلى بخارى ودخل ابنه أبو علي نيسابور من السنة فأقام بها أياما. ثم سار في محرّم سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة إلى جرجان وبها ما كان بن كالي مستنقضا على السعيد، وقد غوّروا المياه في طريقه فسلك إليهم غمرة حتى نزل على فرسخ من جرجان، وحاصرها وضيّق عليها وقطع الميرة عنها حتى جهدهم الحصار. وبعث ما كان بن كالي إلى وشمكير وهو بالريّ، فأمدّه بقائد من قوّاده فلما وصل إلى جرجان شرع في الصلح بينهما لينجو فيه ما كان فتمّ ذلك، وهرب ما كان إلى طبرستان واستولى أبو علي على جرجان سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة واستخلف عليها إبراهيم بن سيجور الدواتي.
(استيلاء أبي علي على الريّ وقتل ما كان بن كالي)
ولما ملك أبو علي جرجان أصلح أمورها. ثم استخلف عليها إبراهيم بن سيجور وسار إلى الريّ في ربيع سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وبها وشمكير بن زياد أخو مرداويح قد تغلّب عليها من بعد أخيه. وكان عماد الدولة وركن الدولة ابنا بويه يكاتبان أبا علي صاحب خراسان، ويستحثّانه لقصد الريّ بأنّ أبا عليّ لا يقيم بها لسعة ولايته فتصفو لهما. فلمّا سار أبو علي لذلك بعث وشمكير إلى ما كان بن كالي يستنجده، فسار إليه من طبرستان وسار أبو علي، وجاءه مدد ركن الدولة بن بويه والتقوا بنواحي الريّ فانهزم وشمكير وما كان. ثم ثبت ما كان، ووقف مستميتا فأصابه سهم فقتله، وهرب وشمكير إلى طبرستان فأقام بها واستولى أبو علي على الريّ سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وأنفذ رأى ما كان والأسرى معه إلى بخارى فأقاموا حتى دخل وشمكير في