للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأندلس، تخيّل ذلك بعض الغواة، وكتب به إلى السلطان عبد العزيز فأنفذ من وقته سرية من تازا تعترضني لاسترجاع تلك الوديعة، واستمرّ هو إلى تلمسان، ووافتني السّرية بهنين وكشفوا الخبر، فلم يقفوا على صحّته، وحملوني إلى السلطان فلقيته قريبا من تلمسان، واستكشفني عن ذلك الخبر فأعلمته بنفيه، وعنّفني على مفارقة دارهم، فاعتذرت له لما كان من عمر بن عبد الله المستبدّ عليهم، وشهد لي كبير مجلسه، ووليّ أبيه وابن وليه ونزمار بن عريف، ووزيره عمر بن مسعود بن منديل بن حمامة، واحتفّت الألطاف، وسألني في ذلك المجلس عن أمر بجاية، وأفهمني أنه يروم تملّكها، فهوّنت عليه السبيل في ذلك فسرّ به، وأقمت تلك الليلة في الاعتقال. ثم أطلقني من الغد فعمدت إلى رباط الشيخ الوليّ أبي مدين ونزلت بجواره مؤثرا للتخلي والانقطاع للعلم، لو تركت له.

[(مشايعة السلطان عبد العزيز صاحب المغرب على بني عبد الواد)]

ولما دخل السلطان عبد العزيز إلى تلمسان واستولى عليها، وبلغ خبره إلى أبي حمّو وهو بالبطحاء، فأجفل من هنالك، وخرج في قومه وشيعته من بني عامر ذاهبا، إلى بلاد رياح، فسرّح السلطان وزيره أبا بكر بن غازي في العساكر لاتباعه. وجمع عليه أحياء زغبة والمعقل باستئلاف وليّه ونزمار وتدبيره. ثم أعمل السلطان نظره ورأى أن يقدّمني أمامه إلى بلاد رياح لأوطئ [١] أمره، وأحملهم على مناصرته وشفاء نفسه من عدوّه بما كان السلطان أيس [٢] من استتباع رياح وتصريفهم فيما يريده من مذاهب الطاعة. فاستدعاني من خلوتي بالعبادة عند رباط الوليّ أبي مدين. وأنا قد أخذت في تدريس العلم واعتزمت على الانقطاع، فآنسني وقرّبني، ودعاني لما ذهب إليه من ذلك، فلم يسعني إلّا إجابته، وخلع عليّ وحملني، وكتب إلى شيوخ الزواودة بامتثال أمري وما ألقيه إليهم من أوامره، وكتب إلى يعقوب بن علي وابن


[١] وفي نسخة ثانية: لأوطد.
[٢] وفي نسخة ثانية: آنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>