السلام حذيفة بن اليمان عينا فأتاه بخبر رحيلهم وأصبح وقد ذهب الأحزاب ورجع إلى المدينة.
[غزوة بني قريظة]
ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أتاه جبريل بالنهوض إلى بني قريظة وذلك بعد صلاة الظهر من ذلك اليوم، فأمر المسلمين أن لا يصلي أحد العصر إلا في بني قريظة، وخرج وأعطى الراية عليّ بن أبي طالب، واستخلف ابن أمّ مكتوم، وحاصرهم صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة، وعرض عليهم سيدهم كعب بن أسد إحدى ثلاث إمّا: الإسلام، وإمّا تبييت النبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة السبت ليكون الناس آمنين منهم، وإمّا قتل الذراري والنساء ثم الاستماتة. فأبوا كل ذلك وأرسلوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم أبا لبابة بن عبد المنذر بن عمرو بن عوف لأنهم كانوا حلفاء الأوس، فأرسله واجتمع إليه الرجال والنساء والصبيان فقالوا: يا أبا لبابة ترى لنا أن ننزل على حكم محمد، قال نعم، وأشار بيده في حلقه أنه الذبح. ثم رجع فندم وعلى أنه أذنب فانطلق على وجهه، ولم يرجع إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، وربط نفسه إلى عمود في المسجد ينتظر توبة الله عليه وعاهد الله أن لا يدخل أرض بني قريظة مكانا خان فيه ربه ونبيّه، وبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال لو أتاني لاستغفرت له فأمّا بعد ما فعل فما أنا بالذي أطلقه حتى يتوب الله عليه فنزلت توبته، فتولّى عليه السلام إطلاقه بيده بعد أن أقام مرتبطا بالجذع ست ليال لا يحل إلا للصلاة. ثم نزل بنو قريظة على حكم النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم بعضهم ليلة نزولهم وهم نفر أربعة من هذيل إخوة قريظة والنضير، وفرّ عنهم عمرو بن سعد القرظي ولم يكن دخل معهم في نقض العهد فلم يعلم أين وقع. ولما نزل بنو قريظة على حكمه صلى الله عليه وسلم طلب الأوس أن يفعل فيهم ما فعل بالخزرج في بني النضير، فقال لهم:
ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟ قالوا: بلى. قال: فذلك إلى سعد بن معاذ وكان جريحا منذ يوم الخندق وقد أنزله رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيمة في المسجد ليعوده من قريب، فأتى به على حمار فلما أقبل على المجلس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم: قوموا إلى سيدكم. ثم قالوا: يا سعد إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولّاك حكم مواليك، فقال سعد: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه، قالوا:
نعم. قال: فإنّي أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتسبى الذراري والنساء وتقسم