دمشق فسعى به أعداؤه وأنهوا عنه قبائح من الأفعال لم يحتملها له فسطا به وقتله وبلغ الخبر إلى أبيه جوبان فانتقض وعاجله أبو سعيد بالمسير إلى خراسان فتفرّقت عنه أصحابه وفرّ فأدرك بهراة وقتل وأذن السلطان أبو سعيد لأهله أن ينقلوه إلى التربة التي اختطها بالمدينة النبويّة لدفنه فاحتملوه ولم يتوقفوا على إذن صاحب مصر فمنعهم صاحب المدينة ودفنوه بالبقيع ولما بلغ الخبر بمقتله إلى ابنه دمرداش في إمارته ببلاد الروم خشي على نفسه فهرب إلى مصر وترك مولاه أرتق مقيما لأمر البلد وأنزله بسيواس ولما وصل إلى دمشق وركب النائب لتلقيه وسار معه إلى مصر فأقبل عليه السلطان وأحله محل الكرامة وكان معه سبعة من الأمراء ومن العسكر نحو ألف فارس فأكرمهم السلطان وأجرى عليهم الأرزاق وأقاموا عنده وجاءت على أثره رسل السلطان أبي سعيد وطلبه بذمّة الصلح الّذي عقده مع الملك الناصر وأوضحوا لعلم السلطان من فساد طويته وطوية أبيه جوبان وسعيهم في الأرض بالفساد ما أوجب إعطاءه باليد وشرط السلطان عليهم إمضاء حكم الله تعالى في قراسنقر نائب حلب الّذي كان فرّ سنة اثنتي عشرة مع أقوش الأفرم إلى خربندا وأغروه بملك الشام ولم يتم ذلك وأقاموا عند خربندا وولي أقوش الأفرم على همذان فمات بها سنة ست عشرة فولي صاحبه قراسنقر مكانه بهمذان فلما شرط عليهم السلطان قتله كما قتل دمرداش أمضوا فيه حكم الله تعالى وقتلوه جزاء بما كان عليه من الفساد في الأرض والله متولي جزائهم ثم وصل على أثر ذلك ابن السلطان أبي سعيد ومعه جماعة من قومه في تأكيد الصلح والإصهار من السلطان فقوبلوا بالكرامة التي تليق بهم واتصلت المراسلة والمهاداة بين هذين السلطانين إلى أن توفيا والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
[وفاة مهنا بن عيسى أمير العرب بالشأم وأخبار قومه]
هذا الحيّ من العرب يعرفون بآل فضل رحالة ما بين الشام والجزيرة وتربة نجد من أرض الحجاز يتقلبون بينها في الرحلتين وينتسبون في طيِّئ ومعهم أحياء من زبيد وكلب وهذيل ومذحج أحلاف لهم ويناهضهم في الغلب والعدد آل مراد يزعمون أنّ فضلا ومرادا أبناء ربيعة ويزعمون أيضا أنّ فضلا ينقسم ولده بين أل مهنا وآل علي وأنّ آل فضل كلهم بأرض حوران فغلبهم عليها آل مراد وأخرجوهم منها فنزلوا حمص ونواحيها وأقامت زبيد من أحلافهم بحوران فهم بها حتى الآن لا يفارقونها قالوا ثم اتصل آل فضل بالدول السلطانية وولوهم على أحياء العرب وأقطعوهم على إصلاح السابلة بين الشام والعراق فاستظهروا