اليهودي في ركابه، وسمع المقتدي بذلك فخرج توقيعه بإلزام أهل الذمة بالغيار فأسلم بعضهم وهرب بعضهم. وكان ممن أسلم أبو سعد العلاء بن الحسن بن وهب بن موصلايا الكاتب وقرابته، ولما وصل كوهرابين وأبو سعد إلى السلطان وعظمت سعايتهما في الوزير أبي شجاع فكتب السلطان ونظام الملك إلى المقتدي في عزله فعزله، وأمره بلزوم بيته، وولّى مكانه أبا سعد بن موصلايا الكاتب، وبعث المقتدي اليهما في عميد الدولة بن جهير فبعثا به إليه واستوزره سنة أربع وثمانين، وركب إليه نظام الدولة فهنّأه بالوزارة في بيته، وتوفي الوزير أبو شجاع سنة ثمان وثمانين.
[استيلاء السلطان على حلب]
قد ذكرنا من قبل استيلاء السلطان ألب أرسلان على حلب، وخطبة صاحبها محمود ابن صالح بن مرداس على منابره باسمه سنة ثلاث وستين. ثم عاد بعد ذلك إلى طاعة العلويّة بمصر. ثم انتقضت دولة بني مرداس بها، وعادت رياستها شورى في مشيختها، وطاعتهم لمسلم بن قريش صاحب الموصل، وكبيرهم ابن الحثيثي. واستقرّ ملك سليمان بن قطلمش ببلاد الروم، وملك أنطاكية سنة سبع وسبعين. وتنازع مع مشرف الدولة ابن قريش ملك حلب وتزاحفا فقتل سليمان بن قطلمش مسلم بن قريش سنة تسع وسبعين. وكتب إلى أهل حلب يستدعيهم إلى طاعته فاستمهلوه إلى أن يكاتبوا السلطان ملك شاه. فإنّ الكل كانوا في طاعته وكتبوا إلى تتش أخي السلطان وهو بدمشق أن يملّكوه فسار إليهم ومعه أرتق بن أكسب، كان قد لحق به عند ما جاء السلطان إلى الموصل وفتحها خشية مما فعله في خلاص مسلم بن قريش من حصار آمد فأقطعه تتش بيت المقدس. فلما جاء تتش إلى حلب وحاصر القلعة، وبها سالم بن مالك بن بدران ابن عمّ مشرف الدولة مسلم بن قريش، وكان ابن الحثيثي وأهل حلب قد كاتبوا السلطان ملك شاه أن يسلّموا إليه البلد، فسار من أصبهان في جمادى سنة تسع وستين، ومرّ بالموصل ثم بحرّان فتسلّمها وأقطعها محمد بن مسلم بن قريش، ثم بالرها فملكها من يد الروم، ثم بقلعة جعفر فحاصرها وملكها من يد بعض بني قشير، ثم بمنبج فملكها ثم عبر الفرات إلى حلب فأجفل أخوه تتش إلى البريّة ومعه أرتق. ثم عاد إلى دمشق وكان سالم بن مالك ممتنعا بالقلعة فاستنزله منها وأقطعه قلعة جعبر فلم تزل بيده ويد بنيه حتى ملكها منهم نور الدين العادل، وبعث إلى