[استيلاء خوارزم شاه على ما وراء النهر وقتاله مع الخطا وأسره وخلاصه]
قد تقدّم لنا كيف تغلب الخطا على ما وراء النهر منذ هزموا سنجر بن ملك شاه وكانوا أمّة بادية يسكنون الخيام التي يسمونها الخركاوات وهم على دين المجوسية كما كانوا وكانوا موطنين بنواحي أوزكنده وبلاساغون وكاشغر وكان سلطان سمرقند وبخارى من ملوك الخانية الأقدمين عريقا في الإسلام والبيت والملك ويلقب خان خاقان بمعنى سلطان السلاطين وكان الخطا وضعوا الجزية على بلاد المسلمين فيما وراء النهر وكثر عيثهم وثقلت ووطأتهم فأنف صاحب بخارى من تحكمهم وبعث الى خوارزم شاه يستصرخه لحادتهم على أن يحمل اليه ما يحملونه للخطأ وتكون له الخطبة والسكة وبعث في ذلك وجوه بخارى وسمرقند فحلفوا له ووضعوا رهائنهم عنده فتجهز لذلك وولّى أخاه على شاه على طبرستان مع جرجان وولّى على نيسابور الأمير كزلك خان من أخواله وأعيان دولته وندب معه عسكرا وولىّ على قلعة زوزن أمين الدين أبا بكر وكان أصله حمالا فارتفع وترقي في الرتب الى ملك كرمان وولىّ على مدينة الجام الأمير جلدك وأقرّ على هراة الحسن بن حرميل وأنزل معه ألفا من المقاتلة واستناب في مرو وسرخس وغيرهما وصالح غياث الدين محمودا على ما بيده من بلاد الغور وكرمسين وجمع عساكر وسار الى خوارزم فتجهز منها وعبر جيحون واجتمع بسلطان بخارى وسمرقند وزحف اليه الخطا فتواقعوا معه مرّات وبقيت الحرب بينهم سجالا ثم انهزم المسلمون وأسر خوارزم شاه ورجعت العساكر الى خوارزم معلولة وقد أرجف بموت السلطان وكان كزلك خان نائب نيسابور محاصرا لهراة ومعه صاحب زوزن فرجعوا الى بلادهما وأصلح كزلك خان سور نيسابور واستكثر من الجند والأقوات وحدّثته نفسه بالاستبداد وبلغ خبر الإرجاف الى أخيه علي شاه بطبرستان فدعا لنفسه وقطع خطبة أخيه وكان مع خوارزم شاه حين أسر أمير من أمرائه يعرف بابن مسعود فتحيل للسلطان بأن أظهر نفسه في صورته واتفقا على دعائه باسم السلطان وأوهما صاحبهما الّذي أسرهما انّ ابن مسعود هو السلطان وانّ خوارزم شاه خديمه فأوجب ذلك الخطائي حقه وعظمه لاعتقاده انه السلطان وطلب منه بعد أيام أن يبعث ذلك الخديم لأهله وهو خوارزم شاه في الحقيقة ليعرف أهله بخبره ويأتيه بالمال فيدفعه اليه فأذن له الخطائيّ في ذلك وأطلقه بكتابه ولحق بخوارزم ودخل اليها في يوم مشهود وعلم بما فعله أخوه علي شاه بطبرستان وكزلك خان بنيسابور وبلغهما خبر خلاصه