القعدة. ثم إنّ خاص بك المتغلّب على السلطان ملك شاه استوحش وتنكّر وأراد الاستبداد فبعث عن الملك محمد ابن السلطان محمد بخوزستان سنة ثمان وأربعين فبايعه أوّل صفر وأهدى إليه وهو مضمر الفتك، فسبقه السلطان محمد لذلك وقتله ثاني يوم البيعة آيدغدي التركماني المعروف بشملة من أصحاب خاص بك ونهاه عن الدخول إلى السلطان محمد، فلم يقبل. فلما قتل خاص بك نهب شملة عسكره ولحق بخوزستان وكان خاص بك صبيّا من التركمان اتصل بالسلطان مسعود واستخلصه وقدّمه على سائر الأمراء.
[حروب المقتفى مع أهل الخلاف وحصار البلاد]
ثم بعث المقتفي عساكره لحصار تكريت مع ابن الوزير عون الدين والأمير ترشك من خواصه وغيرهما، ووقع بينه وبين ابن الوزير منافرة خشي لها ترشك على نفسه فصالح الشحنة صاحب تكريت، وقبض على ابن الوزير والأمراء، وحبسهم صاحب تكريت وغرق كثير منهم، وسار ترشك والشحنة إلى طريق خراسان فعاثوا فيها وخرج المقتفي في اتباعهم فهربا بين يديه، ووصل تكريت وحاصرها أياما. ثم رجع إلى بغداد وبعث سنة تسع وأربعين بتكريت في ابن الوزير وغيره من المأسورين، فقبض على الرسول فبعث إليهم عسكرا فامتنعوا عليه، فسار المقتفي بنفسه في صفر من سنته وملك تكريت، وامتنعت عليه القلعة فحاصرها، ورجع في ربيع. ثم بعث الوزير عون الدين في العساكر لحصارها واستكثر من الآلات وضيق عليها. ثم بلغه الخبر بأنّ شحنة مسعود وترشك وصلا في العساكر ومعهم الأمير البقش كون وأنهما استحثّا الملك محمدا لقصد العراق، فلم يتهيأ له فبعث هذا العسكر معهم، وانضاف إليهم خلق كثير من التركمان، فسار المقتفي للقائهم، وبعث الشحنة مسعود عن أرسلان ابن السلطان طغرل بن محمد وكان محبوسا بتكريت فأحضره عنده ليقاتل به المقتفي، والتقوا عند عقر بابل فتنازلوا ثمانية عشر يوما، ثم تناجزوا آخر رجب فانهزمت ميمنة المقتفي إلى بغداد، ونهبت خزائنه وثبت هو واشتد القتال وانهزمت عساكر العجم وظفر المقتفي بهم، وغنم أموال التركمان وسبى نساءهم وأولادهم. ولحق البقش كون ببلد المحلو وقلعة المهاكين وأرسلان بن طغرل، ورجع المقتفي إلى بغداد أوّل شعبان.
وقصد مسعود الشحنة وترشك بلد واسط للعيث فيها، فبعث المقتفي الوزير ابن هبيرة