للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ظهور الأطروش العلويّ وملكه طبرستان)

الأطروش هذا من ولد عمر بن زين العابدين الّذي كان منهم داعي الطالقان أيام المعتصم، وقد مرّ ذلك. واسم الأطروش الحسن بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن عمر، دخل إلى الديلم بعد مقتل محمد بن زيد وأقام فيهم ثلاث عشرة سنة يدعوهم إلى الإسلام ويأخذ منهم العشر، ويدافع عنهم ملكهم ابن حسّان، فأسلم منهم خلق كثير، واجتمعوا عليه وبنى في بلادهم المساجد وحملهم على رأي الزيديّة فدانوا به.

ثم دعاهم إلى المسير معه إلى طبرستان. وكان عاملها محمد بن نوح من قبل أحمد بن إسماعيل بن سامان، وكان كثير الإحسان إليهم فلم يجيبوا الأطروش إلى البغي عليه. ثم عزل ابن سامان عن طبرستان ابن نوح وولّى عليها غيره، فأساء السيرة فأعاد إليها ابن نوح، ثم مات فاستعمل عليها أبا العبّاس محمد بن إبراهيم صعلوكا فأساء السيرة وتنكّر لرؤساء الديلم، فدعاهم الحسن الأطروش للخروج معه فأجابوه فسار إليهم صعلوك، ولقيهم بشاطئ البحر على مرحلة من سالوس فانهزم وقتل من أصحابه نحو من أربعة آلاف، وحصر الأطروش بقيتهم في سالوس حتى استأمنوا إليه فأمّنهم ونزل آمد. وجاء صهره الحسن بن قاسم بن عليّ بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد البطحاني بن القاسم بن الحسن بن زيد والي المدينة، وقد مر ذكره، فلم يحضر قتل أولئك المستأمنين، واستولى الأطروش على طبرستان وتسمّى الناصر، وذلك سنة إحدى وثلاثمائة، ولحق صعلوك بالريّ، وسار منها إلى بغداد. ثم زحف الناصر سنة اثنتين [وثلاثمائة] فخرج عن آمد ولحق بسالوس، وبث إليه صعلوك العساكر فهزمهم الحسن الداعي وهو الحسن بن زيد. ثم زحفت إليه عساكر خراسان وهي للسعيد نصر بن أحمد فقتلوه سنة أربع وثلاثمائة، وولي صهره وبنوه وكانت بينهم حروب بالديلم كما نذكره. وكان له من الولد أبو القاسم وأبو الحسن وكان قوّاده من الديلم جماعة منهم ليلى بن النعمان، وولّاه صهره الحسن بعد ذلك جرجان، وما كان بن كالي، وكانت له ولاية أستراباذ، ويقرأ من كتاب الديلم، وكان من قوّاده من الديلم جماعة أخرى منهم أسفار بن شيرويه من أصحاب ما كان ومرداويج [١] من أصحاب اسفار


[١] قال المسعودي في مروج الذهب وتفسير مرداويج معلق الرجال وقد يكتب مزداويج بالزاي.
ابن خلدون م ٣ ج ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>