للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مسير العساكر الى عمران بن شاهين وانهزامها)

ولما انصرف الصيمري عن عمران عاد إلى حاله فبعث معزّ الدولة لقتاله روزبهان من أعيان الديلم في العساكر، فتحصّن منه في مضايق البطائح، فطاوله فضجر روزبهان واستعجل قتاله فهزمه عمران وغنم ما معهم، فاستفحل وقوي وأفسد السابلة. وكان أصحابه يطلبون الخفارة من جند السلطان إذا مرّوا بهم إلى ضياعهم ومعايشهم بالبصرة، فبعث معزّ الدولة بالعساكر مع المهلّبيّ، وزحف إلى البطائح سنة أربعين وثلاثمائة ودخل عمران في مضايقه، وأشاروا عليه بالهجوم فلم يفعل، فكتب إليه معز الدولة بذلك بإشارة روزبهان فدخل المهلبي المضايق بجميع عسكره، وقد أكمن لهم عمران، فخرج عليهم الكمين وتقسّموا بين القتل والغرق والأسر، ونجا المهلّبيّ سابحا في الماء. وكان روزبهان متأخّرا في الزحف فسلم، وأسر عمران كثيرا من قوّادهم الأكابر ففاداه معزّ الدولة بمن في أسره من أهله وأصحابه، وقلّده ولاية البطائح فاستفحل أمره.

ثم انتقض سنة أربع وأربعين وثلاثمائة لخبر بلغه عن مرض طرق معز الدولة، وأرجف أهل بغداد بموته، ومرّ به مال من الأموال يحمل إلى معز الدولة ومعه جماعة من التجّار فكبسهم وأخذ جميع ما معهم. ثم ردّ ذلك بعد إبلال معز الدولة من مرضه، وفسد ما بينهما من الصلح! ثم سار معز الدولة إلى واسط سنة خمس وخمسين وثلاثمائة فبعث العساكر من هنالك لقتال عمران مع أبي الفضل العبّاس بن الحسن، وقدم عليه نافع مولى ابن وجيه صاحب عمان يستنجده عليها، فانحدر إلى الأبلة، وبعث معه المراكب إلى عمان، وسارت عساكره إلى البطائح، فنزلوا الجامدة وسدّوا الأنهار التي تصبّ إليها.

ثم رجع معز الدولة من الأبلة وطرقه المرض فجهّز العساكر لقتال عمران، وعاد إلى بغداد فهلك، وولي بعده ابنه عز الدولة بختيار فأعاد العساكر المجمّرة على عمران، وعقد معه الصلح فاستمرّ حاله. ثم زحف بختيار إليه سنة تسع وخمسين وثلاثمائة وأقام بواسط يتصيّد شهرا. ثم بعث وزيره إلى الجامدة وطرق البطيحة فسدّ مجاري المياه وقلبها إلى أنهارها، وهي الجسور إلى العراق. ثم جاء المدّ من دجلة وخرّب جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>