للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السّيف لقلّة غنائه فتعظم حاجته إلى الأموال زيادة على النّفقات وأرزاق الجند ولا يغنى فيما يريد ويعظم الهرم بالدّولة ويتجاسر عليها أهل النّواحي والدّولة تنحلّ عراها في كلّ طور من هذه إلى أن تفضي إلى الهلاك وتتعوّض من الاستيلاء الكلل فإن قصدها طالب انتزعها من أيدي القائمين بها وإلّا بقيت وهي تتلاشى إلى أن تضمحلّ كالذّبال في السّراج إذا فني زيته وطفئ والله مالك الأمور ومدبّر الأكوان لا إله إلّا هو.

[الفصل الثامن والأربعين فصل في اتساع الدولة أولا إلى نهايته ثم تضايقه طورا بعد طور إلى فناء الدولة واضمحلالها [١]]

قد كان تقدّم لنا في فصل الخلافة والملك، وهو الثّالث من هذه المقدّمة أنّ كلّ دولة لها حصّة من الممالك والعمالات لا تزيد عليها. واعتبر ذلك بتوزيع عصابة الدّولة على حماية أقطارها وجهاتها. فحيث نفد عددهم فالطّرف الّذي انتهى عنده هو الثّغر، ويحيط بالدولة من سائر جهاتها كالنطاق. وقد تكون النهاية هي نطاق الدولة الأولى، وقد تكون أوسع منه إذا كان عدد العصابة أوفر من الدولة قبلها. وهذا كلّه عند ما تكون الدولة في شعار البداوة وخشونة البأس.

فإذا استفحل العزّ والغلب وتوفّرت النعم والأرزاق بدرور الجبايات، وزخر بحر التّرف والحضارة ونشأت الأجيال على اعتبار ذلك لطفت أخلاق الحامية ورقّت


[١] تمّ نقل هذا الفصل عن نسخة (لجنة البيان العربيّ) وقد علق الدكتور علي عبد الواحد وافي على هذا الفصل بقوله: «هذا الفصل هو أحد الفصول التي تزيد بها طبعة باريس عن الطبعات المتداولة في العالم العربيّ.
وقد وضع هذا الفصل في طبعة باريس بعد الفصل السابع والأربعين من هذا الباب» وقد نقلنا هذا الفصل حرصا على أن لا نترك من المقدمة فصلا لم يذكر برمته، فيحرم قراؤنا من فائدته.

<<  <  ج: ص:  >  >>