وزيره سابور فلم يغن عنه، وامتدّت عيناه إلى أموال الطائع وهمّ بالقبض عليه، وحسّن له ذلك أبو الحسين بن المعلّم الغالب على هواه فتقدّم إلى الطائع بالجيوش لحضوره في خدمته فجلس وجلس بهاء الدولة على كرسيّ، ثم جاء بعض الديلم يقبّل يد الطائع فجذبه عن سريره وأخرجه، ونهب قصور الخلافة وفشا النهب في الناس، وحمل الطائع إلى دار بهاء الدولة فأشهد عليه بالخلع سنة إحدى وثمانين لسبع عشرة سنة وثمانية أشهر من خلافته. وأرسل بهاء الدولة خواص أصحابه إلى البطيحة ليحضروا القادر باللَّه أبا العبّاس أحمد ابن إسحاق بن المقتدر ليبايعوه، فجاءوا به بعد أن بايع مهذّب الدولة صاحب البطيحة في خدمته وسار بهاء الدولة وأعيان الناس لتلقّيه فتلقّوه برحيل، ودخل دار الخلافة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان، وخطب له صبيحتها وكانت مدّة إقامته بالبطيحة ثلاث سنين غير شهر، ولم يخطب له بخراسان وأقاموا على بيعة الطائع فأنزله بحجرة من قصره، ووكّل عليه من يقوم بخدمته على أتمّ الوجوه، وأجرى أحواله على ما كان عليه في الخلافة إلى أن توفي سنة ثلاث وتسعين فصلّى عليه ودفنه.
[ملك صمصام الدولة الأهواز وعودها لبهاء الدولة ثم استيلاؤه ثانيا عليها]
قد تقدّم لنا ما وقع بين بهاء الدولة وصمصام الدولة من الصلح على أن يكون له فارس ولبهاء الدولة خوزستان وما وراءها، وذلك سنة ثمان. ولما كانت سنة ثلاث وثمانين تحيّل بهاء الدولة فبعث أبا العلاء عبد الله بن الفضل إلى الأهواز على أن يبعث إليه الجيوش مفترقة، فإذا اجتمعت كبس بلاد فارس على حين غفلة. وشعر صمصام الدولة بذلك قبل اجتماع العساكر، فبعث عساكره إلى خوزستان، ثم جاءت عساكر العراق والتقوا فانهزم ابو العلاء، وحمل إلى صمصام الدولة أسيرا فاعتقله، وبعث بهاء الدولة وزيره أبا نصر بن سابور إلى واسط يحاول له جمع المال فهرب إلى مهذّب الدولة صاحب البطيحة. ثم كثر شغب الديلم على بهاء الدولة ونهبوا دار الوزير نصر بن سابور واستعفى واستوزر أبا القاسم عليّ بن أحمد. ثم هرب وعاد سابور إلى الوزارة وأصلح الديلم، ثم أنفذ بهاء الدولة عسكره إلى الأهواز سنة أربع وثمانين وعليهم طغان التركي، وانتهوا إلى السوس فارتحل عنها أصحاب