يحيى بن منذر من ملوك الطوائف وهي التي تغلبت على ثغر طرشوشة، واتصل الملك في عقب بيمند. وكان الملك منهم لآخر دولة الموحدين جامعة بن بطرة بن أدفونش ابن ريند، وهو الّذي ارتجع بلنسية وملكهم بهذا العهد اسمه بطرة. ولم يبلغني كيف اتصال نسبه بقومه. وملك بعد العشرين من هذه المائة وهو حيّ لهذا العهد، وابنه غالب عليه لكبر سنه. والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
[(أخبار القائمين بالدولة العباسية من العرب المستبدين بالنواحي ونبدأ منهم ببني الأغلب ولاة افريقية وأولية أمرهم ومصاير أحوالهم)]
قد ذكرنا في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه شأن فتح إفريقية على يد عبد الله ابن أبي سرح، وكيف زحف إليها في عشرين ألفا من الصحابة وكبار العرب، ففض جموع النصرانية الذين كانوا بها من الفرنجة والروم والبربر، وهدم سبيطلة قاعدة ملكهم وخرّبها، واستبيحت أموالهم وسبيت نساؤهم وبناتهم، وافترق أمرهم وساخت خيول العرب في جهات إفريقية، وأثخنوا بها في أهل الكفر قتلا وأسرا حتى لقد طلب أهل إفريقية من ابن أبي سرح أن يرحل عنهم بالعرب إلى بلادهم، ويعطوه ثلاثمائة قنطار من الذهب ففعل وقفل إلى مصر سنة سبع وعشرين.
[(معاوية بن خديج)]
ثم اغزى معاوية بن أبي سفيان معاوية بن خديج السكونيّ. إفريقية سنة أربع وثلاثين، وكان عاملا على مصر فغزاها ونازل جلولاء، وقاتل مدد الروم الّذي جاءها من قسطنطينية لقيهم بقصر الأحمر فغلبهم، وأقلعوا إلى بلادهم، وافتتح جلولاء وغنم وأثخن وقفل