معاشهم، فلحق كثير منهم بالبساسيري فكثر جمعه. واستصفى طغرلبك أموال الأتراك ببغداد من أجله، وبعث إلى دبيس بابعاده، فلحق بالرّحبة وكاتب المستنصر صاحب مصر بالطاعة.
وخطب دبيس لطغرلبك في بلاده وانتشر الغزّ في سواد بغداد فنهبوه، وفشا الخراب فيه، وانجلى أهله، وولّى طغرلبك البصرة والأهواز هزارشب فخطب لنفسه بالأهواز فقط، وأقطع الأمير أبا علي ابن الملك أبي كاليجار قرميس وأعمالها، وأمر أهل الكرخ أن يؤذنوا في مساجدهم في نداء الصبح الصلاة خير من النوم، وأمر بعمارة دار الملك فعمرت على ما اقترحه، وانتقل إليها في شوّال سنة سبع وأربعين وأربعمائة واستقرّت قدمه في الملك والسلطان، وكانت له الدولة التي ورثها بنوه وقومه السلجوقية ولم يكن للإسلام في العجم أعظم منها. والملك للَّه يؤتيه من يشاء.
(الخبر عن دولة وشمكير وبنيه من الجيل اخوة الديلم وما كان لهم من الملك والسلطان بجرجان وطبرستان وأوّلية ذلك ومصايره)
قد تقدّم لنا ذكر مرداويج بن زيار، وأنه كان من قوّاد الديلم للأطروش، وأنه من الجيل إخوة الديلم، وكانت حالهم واحدة. وكان منهم قوّاد للعلويّة استظهروا بهم على أمرهم حتى إذا انقرضت دولة الأطروش وبنيه على حين فشل الدولة العبّاسية، ومحي أعمالها من السلطان، ساروا في النواحي لطلب الملك متفرّقين فيها فملكوا الريّ وأصفهان وجرجان وطبرستان والعراقين وفارس وكارمان، كل منهم في ناحية وتغلّب بنو بويه على الخليفة وحجروه إلى آخر أيامهم. وذكرنا أنّ مرداويج عند ما استفحل ملكه بعث عن أخيه وشمكير من بلاد كيلان سنة عشرين وأربعمائة فاستظهر به على أمره، وولّاه على الأعمال الجليلة، وكان قد استولى على أصفهان والري وأصبح من أعظم الملوك، وكان له موال من الأتراك تنكروا له لشدّته عليهم فاغتالوه، وقتلوه في محرّم سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، فاجتمعت العساكر بعده على أخيه وشمكير بالريّ، وبعث إلى ما كان بن كالي وهو بكرمان بعد ما ملكها من أبي عليّ بن إلياس