بارزوه وبعث العساكر إلى يزيد بن الحرث الكناني بخربتا وعليهم الحرث بن جمهان فقتلوه ثم بعث آخر فقتلوه.
[مبايعة عمرو بن العاص لمعاوية]
لما أحيط بعثمان خرج عمرو بن العاص إلى فلسطين ومعه ابناه عبد الله ومحمد، فسكن بها هاربا مما توقعه من قتل عثمان إلى أن بلغه الخبر بقتله، فارتحل يبكي ويقول كما تقول النساء، حتى أتى دمشق فبلغه بيعة عليّ، فاشتدّ عليه الأمر وأقام ينتظر ما يصنعه الناس، ثم بلغه مسير عائشة وطلحة والزبير فأمّل فرجا من أمره، ثم جاءه الخبر بوقعة الجمل فارتاب في أمره. وسمع أنّ معاوية بالشام لا يبايع عليّا وأنّه يعظّم قتل عثمان، فاستشار ابنيه في المسير إليه، فقال له ابنه عبد الله توفي النبي صلى الله عليه وسلم والشيخان بعده وهم راضون عنك فأرى أن تكف يدك وتجلس في بيتك حتى يجتمع الناس. وقال له محمد: أنت ناب من أنياب العرب وكيف يجتمع هذا الأمر وليس لك فيه صيت. فقال: يا عبد الله أمرتني بما هو خير لي في ديني، ويا محمد أمرتني بما هو خير لي في دنياي وشرّ لي في آخرتي. ثم خرج ومعه ابناه حتى قدم على معاوية فوجدوهم يطلبون دم عثمان، فقال: أنتم على الحق اطلبوا بدم الخليفة المظلوم. فأعرض معاوية قليلا، ثم رجع إليه وشركه في سلطانه.
[أمر صفين]
لما رجع عليّ بعد وقعة الجمل إلى الكوفة مجمعا على قصد الشام، بعث إلى جرير بن عبد الله البجلي بهمدان وإلى الأشعث بن قيس بآذربيجان وهما من عمّال عثمان بأن يأخذا له البيعة ويحضرا عنده، فلما حضرا بعث جرير إلى معاوية يعلمه ببيعته ونكث طلحة والزبير وحزبهما ويدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه الناس، فلمّا قدم عليه طاوله في الجواب وحمل أهل الشام ليرى جرير قيامهم في دم عثمان واتهامهم عليّا به، وكان أهل الشام لما قدم عليهم النعمان بن بشير بقميص عثمان ملوّثا بالدم كما قدّمناه وبأصابع زوجته نائلة، وضع معاوية القميص على المنبر والأصابع من فوقه، فمكث الناس يبكون مدّة وأقسموا ألّا يمسهم ماء إلّا لجنابة ولا يناموا على فراش حتى يثأروا لعثمان ومن حال دون ذلك قتلوه. فرجع جرير بذلك إلى عليّ وعذله الأشتر في بعث