في الصلح فقبض عليه واستدعى شرف الدولة أنوشروان بن خالد من بغداد فلحقه بأصبهان في شعبان واستوزره عشرة أشهر ثم عزله ورجع الى بغداد وبقي أبو القاسم محبوسا الى أن جاء السلطان سنجر الى الريّ فأطلقه وأعاده الى وزارة السلطان محمود آخر اثنتين وعشرين.
[وفاة عز الدين بن البرسقي وولاية عماد الدين زنكي على الموصل وأعمالها ثم استيلاؤه على حلب]
ولما استولى عز الدين على الموصل وأعمالها واستفحل أمره طمحت همته الى الشام فاستأذن السلطان في المسير اليه وسار الى دمشق ومرّ بالرحبة فحاصرها وملكها ثم مات اثر ذلك وهو عليها وافترقت عساكره وشغلوا عن دفنه ثم دفن بعد ذلك ورجعت العساكر الى الموصل وقام بالأمر مملوكه جاولي ونصب أخاه الأصغر وأرسل الى السلطان يطلب تقرير الولاية له وكان الرسول في ذلك القاضي بهاء الدين أبو الحسن علي الشهرزوريّ وصلاح الدين محمد الباغسياني أمير حاجب البرسقي واجتمعا بنصير الدين جعفر مولى عماد الدين زنكي وكان بينه وبين صلاح الدين سر فخوفهما جعفر ابن جاولي وحملهما على طلب عماد الدين زنكي وضمن لهما عنه الولايات والاقطاع فأجابوه وجاء بهما الى الوزير شرف الدين أنوشروان بن خالد فقالا له انّ الجزيرة والشام قد تمكن منهما الافرنج من حدود ماردين الى عريش مصر وكان البرسقي يكفهم وقد قتل وولده صغير ولا بد للبلد ممن يضطلع بأمرها ويدفع عنها وقد خرجنا عن النصيحة إليكم فبلغ الوزير مقالتهما الى السلطان فأحضرهما واستشارهما فذكر جماعة منهم عماد الدين زنكي وبذلا عنه مقربا الى خزانة السلطان مالا جزيلا فولاه السلطان لما يعلم من كفايته وولى مكانه شحنة العراق مجاهد الدين بهروز صاحب تكريت وسار عماد الدين زنكي فبدأ بالبوازيج وملكها ثم سار الى الموصل وتلقاه جاولي مطيعا وعاد الى الموصل في خدمته فدخلها في رمضان وأقطع جاولي الرحبة وبعثه اليها وولى نصير الدين جعفرا قلعة الموصل وسائر القلاع وجعل صلاح الدين محمد الباغسياني أمير صاحب وولى بهاء الدين الشهرزوريّ قضاء بلاده جميعا وزاده أملاكا وأقطاعا وشركه في رأيه ثم سار الى جزيرة ابن عمر وقد امتنع بها مماليك البرسقي فجدّ في قتالهم وكانت دجلة تحول بينه وبين البلد فعبر بعسكره الماء سبحا واستولى على المسافة التي بين دجلة والبلد وهزم من كان فيها من الحامية حتى أحجزهم بالبلد وضيق حصارهم فاستأمنوا وأمنهم ثم سار الى نصيبين وهي لحسام الدين تمرتاش ابن أبي الغازي صاحب ماردين فحاصرها واستنجد حسام الدين ابن عمه